المسجد الأقصى
و لقد حمل المسجد الأقصى من طيب الذكرى و خطورة المهمة جُمَلًا من المعاني تجعل قصده و الرحلة إليه قربة من القربات ، أوصى رسول اللّٰه ﷺ (( بالمسارعة إليها ، و بذل الجهد و المال من أجلها ؛ فقال (( لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ : مَسْجِدِي هَذَا ، وَ مَسْجِدِ الْحَرَام ، وَ مَسْجِدِ الْأَقْصَى )) _ أخرجة مسلم في صحيحه ، كتاب : الحج ، باب : سفر المرأة مع محرم إلى الحج و غيره _.
و ذكريات المسجد الأقصى و بيت المقدس تمتد في الماضي السحيق منذ فجر البشرية ؛ حيث اختار اللّٰه تلك البقعة مكانًا يُتقرَّب فيه إليه ، و قد كان هذا المكان مختارًا قبل عصر سليمان ، بل إنه ليمتد إلى عصر إبراهيم _ عليه السلام _ ، يرشد إلى ذلك ما روي عن أبي ذر قال : سَأَلْتُ رَسُولَ اللّٰهِ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ عَنْ أَوَّلِ مَسْجٓدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ ؟ قَالَ : (( الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ )) قُلْتُ : ثُمَّ أَيٌّ ؟ قَالَ : (( الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى )) _ أخرجه مسلم في صحيحه كتاب ، المساجد و مواضع الصلاة_.
و قال ابن خلدون في معنى هذا الحديث : (( و أعلم أن المراد بالوضع في الحديث ليس البناء ، و إنما المراد أول بيت عُيِّن للعبادة ، و لا يبعد أن يكون بيت المقدس عُيِّن للعبادة قبل بناء سليمان )) _كما جاء ب ديوان المبتدأ و الخبر _ .
و في هذا دلالة على أن هيكل سليمان لم يوجد ليكون أبد الدهر و قفًا على طائفة من الناس ، و إنما هو مكان عبادة للّٰه ، كان كذلك قبل سليمان و بعد سليمان.
و أحق الناس به ميراثًا أصحاب الأرض الشرعيون ، و عباد اللّٰه الصادقون الذين لا يعرفون التعصب ، و لا يبخسون الحقوق و لا يقطعون على الناس السبيل .
و في مدينة القدس الجليل _ حيث المسجد الأقصى المبارك _ توجد آثار تنسب إلى أنبياء اللّٰه موسى و داود وعيسى و محمد عليهم أفضل الصلاة و السلام.
و عندما دخلها المسلمون برهنوا للعالم أجمع على السماحة الصادقة مع كل من ينتسب إلى دين ، بل و عملوا على حماية المقدسات جميعها ، و سدوا جميع المنافذ و الذرائع على أية محاولات يمكن أن تنال من مقدسات غير المسلمين ، و ما ذاك إلا لأن دينهم دين الأنبياء جميعًا ، و هو رحمة للعالمين كافة ، لا يعرف فُرقة طائفية ، و لا جمودًا على العصبية ، و لا فخرًا عنصريًّا ، و إنما يهدف إلى سعادة الإنسان في الدنيا و الآخرة.
و لا أدلّ على ذلك مما فعله عمر بن الخطاب _رضي اللّٰه عنه_ و ألزم به نفسه ، و الذين يلون الأمر من بعده ، فلقد خطب في أهل القدس المسيحين قائلًا :
(( يا أهل إيلياء ( القدس ) لكم ما لنا و عليكم ما علينا )) ، ثم أعطاهم العهد مكتوبًا فيه : (( هذا ما أعطى عبد اللّٰه عمر ، أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان ، أعطاهم أمانًا على أنفسهم و أموالهم و كنائسهم و صلبانهم … لا تُسكن كنائسهم ، و لا تُهدم ، و لا يُنتقص منها و لا من خيرها ، و لا يُكرهون على دينهم ، و لا يُضار أحد منهم ، و لا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود )) كما جاء _ ب تاريخ الرسل و الملوك ، لابن جرير الطبري _ .
و منع اليهود من السكنى بإيلياء يدل على أنهم لم يكونوا من أهلها ، و أن أهلها المسيحيين العرب كانوا يدركون مكائد اليهود و ما يبيتونه للقدس و مقدساتها .
و بعد ذلك دخل عمر بيت المقدس حتى دخل كنيسة القيامة ، و حان و قت الصلاة فقال عمر : أين أصلى ؟ و قال البطريرك : مكانك صل ، فقال عمر : ما كان لي أن أصلي ها هنا ، حتى لا يأتي المسلمون من بعدي و يقولوا : ها هنا صلى عمر ، و يبنوا عليها مسجدًا .
و هذا و اللّٰه أعلم 🌺🌺
إلى أن ألقاكم مع جزء آخر أن شالله فى موضوع
المعاني القدسية في المسجد الأقصى
على مدونتي الشخصية
بصمات من ياقوت ومرجان 🌼🌼
أرجو أن تذكروني بدعوة فى التعليق أن أمكن
رابط الجزء الأول 👇
https://rovaer55501.blogspot.com/2022/12/blog-post_27.html
زيارتكم تسعدوني و متابعتكم تجعلني في قمة السعاده
جعلنا الله وإياكم أن شالله من أهل السعادة في الدارين
🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼