كان أبو طالب ركنًا حصينًا للنبي ﷺ ، فقد حماه بجاهه ورياسته في قومه من شرورهم قدر الإمكان ، ثم فُجع فيه الرسول ﷺ و قت الشدة ، و مات و عمر الرسول تسع و أربعون سنة و ثمانية أشهر وأحد عشر يومًا ، و كان لفقده إبان محنة الرسول و المؤمنين أثر شديد عليه و على المسلمين و على الدعوة الإسلامية.
روى ابن اسحاق عن ابن عباس : لما اشتكى أبو طالب و بلغ قريشًا ثقله قال بعضها لبعض : إن حمزة و عمر قد أسلما و فشا أمر محمد ، فانطلقوا بنا إلى أبي طالب يأخذ لنا على ابن أخيه و يعطيه منا ، فمشي إليه عتبة و شيبة و أبو جهل و أمية بن خلف ، و أبو سفيان ابن حرب في رجال من أشرافهم فأخبروه بما جاءوا له . فبعث أبو طالب إليه ﷺ فجاءه فأخبره بمرادهم فقال عليه الصلاة و السلام : نعم كلمة واحدة تعطونيها تملكون بها العرب و تدين لكم بها العجم ، فقال أبو جهل :نعم و أبيك و عشر كلمات ، فعرض عليهم الإسلام فصفقوا و عجبوا ، ثم قالوا : ماهو بمعطيكم شيئًا ، ثم تفرقوا .
و لما حضرت الوفاة أبا طالب جمعهم وأوصاهم فقال :
(( يامعشر قريش أنتم صفوة اللّٰه من خلقه ، و قلب العرب ، فيكم السيد المطاع ، و فيكم المقدام الشجاع ، و الواسع الباع ، واعلموا أنكم لم تتركوا للعرب نصيبًا من المآثر إلا أحرزتموه و لا شرفًا إلا أدركتموه ، فلكم بذلك على الناس الفضيلة و لهم به إليكم الوسيلة ، و الناس لكم حرب ، و على حربكم _إلب_ الإلْب التدبير على العدو من حيث لا يعلم _ و إني أوصيكم بتعظيم هذه البنية {يعني الكعبة المشرفة } فإن فيها مرضاة للرب ، و قوامًا للمعاش ، و ثباتًا للوطأة ، صِلوا أرحامكم فإن في صلة الأرحام _منسأة _ ( أي فسحة ) في الأجل و زيادة في العدد ، و اتركوا البغي و العقوق فبها هلكت القرون قبلكم ، أجيبوا الداعي و أعطوا السائل ، فإن فيهما شرف الحياة و الممات ، و عليكم بصدق الحديث و أداء الأمانه ، فإن فيهما محبة في الخاص ، و مكرمة في العام ، و أوصيكم _بمحمد_ خيرًا فإنه الأمين في قريش ، و الصديق في العرب ، و هو الجامع لكل ما أوصيتكم به ، و أنكره اللسان مخافة الشنآن
_الشنآن_ أي مخالفة البعض لما يعيرونه به من تبعية لابن أخيه الذي كان في كفالتة___ و ايم اللّٰه كأني أنظر إلى صعاليك العرب و أهل الأطراف و المستضعفين من الناس قد أجابوا دعوته و صدقوا كلمته و عظموا أمره فخاض بهم غمرات الموت فصارت رؤساء قريش و صناديدها أذنابًا و دورها خرابًا ، و ضعفاؤها _أربابًا_ ( اي ملوكًا ) ، و إذا أعظمهم عليه أحوجهم إليه و أبعدهم منه أحظاهم عنده قد محضته العرب و دادها ، و أصفت له _فؤادها_( أي أخلصت له قلبها ) و أعطته قيادها ، يامعشر قريش كونوا له ولاة ، و لحزبة حماة ، و اللّٰه لا يسلك سبيله أحد إلا رشد و لا يأخذ أحد بهديه إلا سعد ، و لو كان لنفسي مدة و لأجلي تأخير لكففت عنه _الهزاهز_ ( الهزهزة و الهزاهز هي تحريك البلايا و الحرب بين الناس ) و لدفعت عنه الدواهي ...كما رواه هشام بن السائب الكلبي أبو المنذر ، و وثقة ابن حبان..
ثم بعد ذلك مات ..... و تفيت خديجة بعده بثلاثة أيام أو خمسة فى رمضان بعد البعث بعشر سنين على الصحيح و كان الرسول ﷺ يسمي هذا العام عام الحزن …
و هذا و اللّٰه و أعلم 🌼🌼
إلى أن ألقاكم في موضوع جديد عن #هجرة_الرسول ﷺ سعدت بمروركم العطر على مدونتي الشخصية
بصمات من ياقوت ومرجان
و عنوانه هو #عرض_الإسلام_على_القبائل
هناك تعليق واحد:
ربنا يسعد حياتك ويجعل مجهودك في ميزان حسناتك.
إرسال تعليق