تتعدد ألوان الطعام و تختلف طرق الطهي بتغير العصور و اختلاف البلدان ، انبهر المؤرخون بثراء و تنوع المطبخ المصري عبر العصور ، مثلا اشتهر العصر الفاطمي بأطباق اللكباج و الطباهج ، وعشق الناس البيسار ( بصارة ) و الرجلة ، و تميز العصر المملوكي بالمشاش و الخبايص و المفروكة و الهيطلية في العصر العثماني.
فالطعام جزء لا يتجزأ من ثقافات و تاريخ الأمم ، و يعد من النعم الكبرى التى مَنَّ اللّٰه بها على الإنسان ، فهو سبب من اسباب استمرار البشرية و كثيرًا ما وقعت ثورات بسبب المجاعات و ندرة المواد الغذائية ، و أكثر فترات التاريخ ازدهارًا حين يوفى النيل منسوبه فيعم الرخاء فى مصر .
و كانت الولائم السلطانية جزءًا مهمًّا من تاريخ مصر فعليها دارت أهم المناقشات السياسية و تمت أشهر المقابلات و وضعت الخطط و السياسيات ، و حيكت المكائد و دبرت المؤامرات ؛ و اتخدت أهم قرارات الحرب و السلام ، و على الموائد اجتمع شمل الأسر و مدت الأسمطة للأقارب و الأصدقاء فى مختلف المناسبات ، و للمصريين مقولة سائدة
(( ياللا ناكل عيش و ملح )) لتسود المودة.
ساعد مصر مناخها المعتدل على توفير أنواع كثيرة من الخضراوات و الفواكه و المحاصيل طوال العام ؛ فَعَبَّرَ الكثير من الرحالة عن دهشتهم من وفرة الخيرات بها ، و قد أدرك المصريون أهمية الطعام فتفننوا في ابتكار أشهى المأكولات ، كما أطلقوا الامثال الشعبيه المختلفة مثل _ اللى ياكل على ضرسه ينفع نفسه _ و اللى اتلسع من الشوربه ينفخ في الزبادي _ الطريق إلى قلب الرجل معدته _ الجعان يحلم بسوق العيش ، و من هذا كثير .
الخبر هو الطعام الرئيسي على المائدة المصرية و سيد طعامها ، و تعددت أنواع الخبز على المائدة المصرية ، فصنع أهل مصر الخبز من القمح و الشعير و الذرة ، و صنعو أيضا البقسماط و الرقاق و الكعك و هو (اليابس ) ، و الكماج هو خبز شديد البياض ، و خبز الخشكار وهو خبز الفقراء أو الخبز الأسود يصنع من الدقيق الغير منخول _ مغربل و الغربال _ أو غربال هو أداة يتم بها فصل الدقيق عن النخالة ( الرده)_ ، و خبز السميذ هو أغلى أنواع الخبز يصنع من نوع راقٍ من الدقيق ، و هناك الخبز الشمسي.
استمتع المصريون بالكثير من البقول و الخضروات و الفواكه و من أكثر الأنواع الشائعة كانت الجميز و النبق و الرمان و النارنج و البطيخ و الشمام و البرقوق و أطلقوا على التين سلطان الفاكهة لأنه لا يحتوى على قشر أو بذر و الموز جاء فى المترتبة الثانية ، و هناك قصة طريفة حدثت ، عندما تولى حكم مصر السلطان المملوكي الظاهر سيف الدين برقوق ، أظهر شدة في بداية حكمة فقبض على كثير من أمراء الممالك و نفى البعض الآخر فهابة الناس و دخل الرعب قلوب العوام حتى كانوا يقولون للفكهانى عندك شقير ؟! و لا يقولون عندك برقوق تعظيمًا لاسمه فتوارى اسم البرقوق طوال فترة حكمه و عاد تدريجيًّا الإسم لها بعد زوال عصرة.
زوال الكثير من الناس مهنة الطبخ و كانوا يقومون بإعداد الأطعمة المختلفة لعامة سكان القاهرة الذين يشترون الأطعمة المجهزة من حوانيت الطباخين لرخص أسعارها نتيجة ارتفاع أسعار الوقود من الحطب ، و كانت هناك حوانيت أخرى تدعى الشرايحية تخصصت في طهو ما يرسله الناس إليهم من لحوم و خضروات و أسماك فيخلطوها بالتوابل و تطهي و ترسل إلى البيوت في قدور مع الصبيان مقابل أجر معين.
و في مصر الإسلامية و عصرها كان قوام معظم الأكلات من اللبن و التمر و الشعير و اللحم و الأرز و السمن و الدهن و الزبد و العسل و السكر و يضاف إلى هذه الأطعمة المسك و العنبر و العود و الفواكه اليابسة المجففة ؛ مثل اللوز و الفستق و العنب ليضيف نكهة و قيمة للطعام.
المصريون شعب ذواقة ابتكروا أشهى المأكولات و المشروبات و تركوا لنا العديد من الوصفات الغنية التي أثرت المائدة المصرية على مر العصور.
بعض الوصفات التي تركها لنا أجدادنا:
الهريسة
يتم هرس لحم الدجاج حتى يصير لين القوام ثم يضاف ألية البصل المبشور و التوابل المختلفة مثل الملح و الفلفل و البهارات و يخلط بالدقيق و يشكل على هيئة أقراص دائرية تطهى في الفرن.
العصيدة
يقطع اللحم إلى مكعبات و يسلق بالغليان و يضاف إليه الحمص و الملح و الفلفل و البصل حتى ينضج.
اللكباج
يتم تقطيع اللحم على شكل شرائح تتبل بالخل و الزعفران و الكزبرة و البصل و الجزر و تترك لمدة من ساعة إلى ساعتين ثم تشوى.
الطباهج
يحمر البصل حتى يصير ذهبي اللون ثم يضاف إليه البيض و الملح و الفلفل و البهارات و الباذنجان و يتم إضافة شرائح اللحم و يقلى في السمن و تضاف إليه قطرات من المسك.
المضيرة
يتم تقطيع اللحم على شكل مكعبات يتم سلقها و تصفي من الماء بعد أن تنضج و يضاف إليها اللبن الحامض و القشطة و التوابل مثل الملح و الفلفل و الحبهان و المصطكى ( مستكا ) و تقلب على نار هادئة.
الحريرة
يسلق اللحم الدسم و يفضل أن يكون من الضأن ثم يضاف إلى الحساء الدقيق مع التقليب المستمر حتى يغلظ قوامه.
السنبوسك
يسلق لحم فخذ الضأن حتى ينضج و يضاف إليه الدهن و البهارات و البقدونس ، ثم يدق في الهون حتى يتجانس و يحشى في الرقاق و يوضع في الفرن.
رغيف الصينية
هو من أشهر أكلات العصر الفاطمي ، و كان يطهى لحم الضأن و يضاف إليه البهارات مثل الفلفل و الزنجبيل و القرفة و المصطكى ( مستكا ) و الكزبرة و الكمون و الحبهان و يرش فوقه ماء الورد المذاب به المسك ثم يحشى بلحم الدجاج المخلى و الفستق المهروس و يتم لف اللحم في فطائر العجين و يدخل الفرن.
القلاعمون
هو نوع من أنواع الفطائر الشائعة في مصر فى العصر الفاطمي ، و يتم عجن الدقيق بالسمن و يترك حتى يخمر ثم يضاف إليه البيض و الزنجبيل و السمسم و الينسون و الكرواية و الملح و الفستق و يقلب حتى تمتزج كل المكونات ثم يشكل على هيئة كعكات مستديرة و ينضج في الفرن.
البيسار
و هي من الأكلات المفضلة في العصر الأيوبي ، كان يسلق الفول المجروش حتى ينضج ثم يهرس حتى يصير غليظ القوام و يطهى بالسمن و يصنع له تقلية من البصل و الزيت الحار و يؤكل مع خبز الشعير و البصل الأخضر و تحور اسم البيسار اليوم إلى بصارة.
البليلة
و هي أكلة من العصر العثماني و تختلف تماما عن التى نأكلها اليوم ، فكانت تتكون من القمح المسلوق المضاف إليه الحمص و تصنع لها تقلية من البصل و زيت الشيرج و تؤكل مع خبز الذرة.
المفروكة
هي دقيق وسمن و تصنع فطائر مستديرة تنضج فى الفرن ثم يتم فركها و هي ساخنة حتى تصير قطعًا صغيرة جدًا و يضاف إليها الحليب الساخن و السكر أو عسل النحل.
الفقاعية
من أكلات المدن الساحلية ، يتم حشو السمك البوري بالبصل و الفلفل الحار و يضاف الية الليمون و يتم و ضعة في طاجن من الفخار و يطهى في الفرن و يؤكل مع الأرز أو الخبز.
المشكشك
كانت أكلة مشهورة في العصر العثماني خاصة بأهل السواحل فتتكون من جلد الفيسخ أي السمك البوري المملح يتم و ضعها في طاجن و يقطع عليها البصل و يضاف الزيت الحار و زيت السمسم و إحيانًا الطحينة.
الدقة
و كانت و جبة الفقراء تغمس بالعيش ، و تتكون من خليط من الملح و الفلفل و الزعتر و النعناع و الكمون و الكزبرة و القرفة و السمسم و الحمص.
الكوارع
يتم غسل الكوارع و تنظف و تقطع و يتم سلقها في ماء مغلي مع إضافة شرائح البصل و الحبهان و المصطكى و بعد أن تنضج يضاف الملح والفلفل و عصير الطماطم و السمن و تطهى في الفرن.
الكشك
كانت أكلة شائعة في العصر العثماني ، يغمر القمح بالماء و يتم غليه على نار هادئة حتى يصير لينًا و يصب عليه اللبن و يجفف في الشمس و يقطع على شكل أقراص صغيرة و يطهي باللحم أو الدجاج أو السمك البوري.
الملوكية
اكتشفت على ضفاف نهر النيل و هي من الخضراوات الورقية ، و يروي أنه في زمن الخليفة المعز لدين الله الفاطمي أصيب بمغص حاد فأطعمه أطباؤه الملوكية فشفي و من شدة اعجابه بها أطلق عليها الملوكية أي طعام الملوك و بمرور الوقت انتشرت بين العامة و حرفت التسمية إلى الملوخية.
و هذا و اللّٰه أعلم 🌼🌼
إلى أن التقي معكم و اكمل لكم حلويات و مشروبات المائدة المصرية
صلوا على رسول اللّٰه 🌼
الرجاء دعمكم لمدونتى الشخصيه بزيارة و متابعة و تعليق
#بصمات_من_ياقوت_ومرجان
زيارتكم تُسعدني و متابعتكم تجعلني في قمة السعاده
جعلنا الله وإياكم أن شالله من أهل السعادة في الدارين
🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼