المتابعون

الأربعاء، 22 نوفمبر 2023

حكاية شعب أعزل في مرمى مهنية إعلامية زائفة Palestine

الحمد لله ربِّ العالمين ، و الصلاة و السلام على سيِّدنا محمدٍ و آلِه ... وبعد ، 

السَّلامُ عليكم و رحمةُ اللَّه و بركاته.

ليست هي المرة الأولى يكشف فيها الإعلام الغربي عن وجهه الحقيقي بعد أن ظل لسنوات يُصدّر لنا في العالم النامي و خاصة الشرق أوسطي ، مهنية زائفة اعتاد أن يطليها بطلاء الموضوعية و الحيادية ، لكن سرعان ما تنكشف حقيقة هذه الموضوعية المزعومة في كل أزمة يضطر الإعلام الغربي أن يتعامل معها من واقع سياساته التحريرية و انتماءاته الجغرافية و العنصرية ، فالمتابع للإعلام الغربي في مختلف القضايا التي تشغل الرأي العام العالمي خاصة تلك التي تتعلق بقضايا المسلمين حول العالم يدرك تمامًا حجم التفاوت الواضح و الازدواجية في التغطية لتطورات هذه القضايا و تبعات تلك الأحداث ؛ لدرجة قد تصل إلى إصدار أحكام مختلفة على حدثين متشابهين إلى حد ما .

و ما سبق ليست بتكهنات شخصية و إنما واقع رصدته بعض الدراسات الإعلامية ، فقد كشفت دراسة سابقة نشرتها مجلة (( ذا نيشن الأمريكية وهي أقدم مجلة أسبوعية مازالت و متخصصة بالأمرو السياسية و الثقافية وذات توجهات يسارية صدر أول عدد منها ١٨٦٥ في نيويورك )) .

و تحدثت عن الموضوعية الغائبة في تغطية وسائل الإعلام الغربية للأحداث الإرهابية عن الانحياز الصارخ الذي يمارسه الإعلام الغربي في تغطيته لمثل هذه الأحداث ، بالإسهاب في تناول الحوادث التي تقع في الدول الغربية ، مقابل الاهتمام المحدود و ربما التجاهل التام ، عندما تكون دولة من دول العالم الثالث هي الضحية ، حيث ترجمت الدراسة هذا الخلل الإعلامي بأرقام محددة و كشفت في الوقت نفسة عن أن العمليات الارهابية تقع معظمها في دول إسلامية أو عربية أو نامية و ليس في الغرب ، ومن ثمَّ فإن معظم الضحايا من العرب و المسلمين

كما أن الدراسة اقتصرت على التغطية في و سائل الإعلام المقروءة فقط ، أي: و حصرت نطاق عملها في عام ٢٠١٥ م ، الذي شهد ٣٣٤ حادثًا إرهابيًّا في أنحاء العالم .

و وفقًا للدراسة فإن نيجيريا جاءت في طليعة الدول التي عانت من الإرهاب ، و بلغ عدد ضحاياها ٣١٩٣ قتيلًا اي أكثر من ضحايا هجمات ١١ سبتمبر ٢٠٠١ م في الولايات المتحدة ، كما أن الدولة الثانية كانت العراق و تكبدت ٧٠٨ قتلى ، ثم سوريا ٣٤٦ قتيلًا ، يليها أفغانستان ٣٠٩ ، ثم مصر و اليمن و باكستان كل هذا في عام ٢٠١٥ فقط و القائمة طويلة بعد ذلك ، لكن الإعلام الغربي لم يكن لينتفض إلا إذا طال الإرهاب شيئًا من مكونات دولة فقط .

و لعل هذا التوجه الذي دأب عليه الإعلام الغربي بجميع وسائله لم ينج منه العالَمين العربي و الإسلامي في سلم أو حرب، فرغم ما أوردته مواثيق الشرف الإعلامية من تأكيدات ينبغي أن يكون الإعلام الدولى و منه الغربي من أوائل الملتزمين بها ، خاصة وأنه ارتضى لنفسه أن يكون مصدر تنوير و تثقيف للرأي العام العالمي فيُنَحِّي انتماءاته الجغرافية في تناوله لكل حدث أو قضية تشكل مصدر اهتمام للرأي العام ، إلا أن هذه المواثيق وما حوته من بنود بالنسبة لهذا النوع من الإعلام قد أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض .  

و إذا كان المقام هنا في الوطن العربي يستدعي أن تستند المعلومة على حقائق راسخة لا أن تُطلق الاتهامات جزافًا ، فإن النماذج التي تكشف الحقيقة المؤلمة للإعلام الغربي حدِّث عنها و لا حرج ، و لعلّ من أولاها هذه القضية الأزلية التي شاهد العالم أجمع خلالها الكثير من المشاهد الدامية التي اهتزت لها القلوب ، فقد باتت ازدواجية التعامل مع العدوان الإسرائيلي على ( غــزة )و اقعًا لم يتم تغييره بعد ، فقد بدأ انحياز الإعلام الغربي واضحًا في تغطيته للعدوان الصهيوني السابق و الحالى على قطاع غزّة و على شعبها الأعزل .

و رغم تلك المناشدات الحقوقية للمؤسسات الدوليه التي فقدت كلَّ عوامل التنفيذ في توفير الحماية للأطفال في غزة ممن بلغ بهم الأمر أنهم قرروا كتابة أسمائهم على أيديهم انتظارًا لقصفهم المتوقع في أي لحظة حتي يتم التعرف على جثثهم ، إلا أن الوسائل الإعلامية الغربية تحدثت عن ألم الطرفين و كأنه متساوٍ ، متجاهلة تلك الخسائر البشرية في صفوف المدنيين الفلسطينيين و الدَّمار الذي لحق بغـزة مقابل خسائر الكيان الإسرائيلي المحدودة و التي تتركز في نطاق العسكريين فقط ، لكن العجيب في الأمر أنه في كل مرة يجري تقديم إسرائيل كضيحة و لها حق الدفاع عن نفسها. 

و هناك مشهد آخر يكشف زيـف هذه الترسانه الإعلامية و هو ماحدث في واقعة الهجوم على جريدة ( شارلي إيبدو ) في باريس ف ٧ يناير ٢٠١٥ م ، حيث أسفر هذا الحادث عن مقتل نحو ١٢ شخص فقط ، و في هذه الواقعة لا يمكن الحكم على الإعلام الغربي ظاهريًّا بأنه قد انحاز لطرف دون آخر لكن المدقق لأساليب هذه الوسائل و منهجيتها يدرك ذلك من خلال الوقوف على حجم التغطية لهذا الحدث التي بلغت الصحف الغربية أكثر من ٢٠ ألف موضوع صحفي و أعلامي ، و هنا قد يقول قائل فما وجه الانحياز في ذلك و هذه التغطية جزء من مهام هذه الوسائل !؟ فأقول له بأن سياسة (( الكيل بمكيالين )) تظهر واضحة وضوح الشمس ، ففي نفس التوقيت الذي وقع فيه هذا الحادث قتـ.ل نحو ٣٨ شخصًا في انفجار حدث في اليمن و هو عدد يتجاوز ضعف حادث (( شارلي إبيدو )) ، لكن تغطية الإعلام الغربي لحادث اليمن بلغت فقط ٥٦٥ تقريرًا صحفيًّا ، الأمر الذي يكشف عن ازدواجية صارخة في التعامل مع الأحداث العالمية بتفرقة واضحة في حجم الاهتمام و التجاهل .

و حسبنا في ذلك أن المقام هنا مقام إيجاز ، لكن القضايا و المواقف التي تكشف النقاب عن هذه الازدواجية أكثر من أن يمكن حصرها في مو ضوع واحد ، بل فالأمر لا يقتصر على قضايا بعينها و إنما يتعلق بمفاهيم و ثقافات راسخة داخل المجتمعات الإسلامية و العربية و هنا أذكر نظرة الإعلام الغربي للمرأة المسلمة و قضاياها المتنوعة ، و ما تحتوي عليه هذه النظرة من مفارقات عجيبة تحكي هذا التوجّه و التحيّز المستمر ، فقضية حجاب المرأة المسلمة ليست ببعيدة ، فشأن الإعلام الغربي في التعامل مع هذه القضية أنه هنا إذا غطَّت المرأة المسلمة شعرها أصبحت رجعية ، وفي نفس المقام عندما تغطي الراهبة رأسها فإنها بذلك ممتثلة لأوامر ربها ، و كذلك إذا قامت المرأة العربية و المسلمة على شئون أهلها و بيتها فإن أقلام الإعلام الغربي لا تتوقف عن إطلاق حملات تدعو إلى تحرر المرأة المسلمة من العبودية - على حد قولهم - ، لكن إذا قامت المرأة الغربية بهذا الفعل فهي من وجهة نظرهم تضحي بجهودها في سبيل العناية بأهلها و بيتها ! قمة العنصرية و التحيز لم و لن تتوقف عنه الآلة الإعلامية الغربية ، ما يدعونا في النهاية إلى العمل على تكوين كيان إعلامي قوي يضع الأمور في نصابها و يحمي مجتمعاتنا من تبعات تلك المعالجات المجحفة .

تَحيَّة طَيبة مِن عِـنـد الـلـه 

مُـبـارَكـة لَـكُـم أَيـُّهـا الأَبْـطَـال.

و هذا و باللَّهِ التَّوفيقُ ؛؛ و اللَّه أعلم 🌼🌼🌺🌺

إلى أن ألقاكم بإذن الله على مدونتي الشخصية 

  ‏#بصمات_من_ياقوت_ومرجان

  ‏صلوا على رسول اللّٰه 🌼

  ‏ ‏زيارتكم تُسعدني و متابعتكم تجعلني في قمة السعاده 

جعلنا الله وإياكم أن شالله من أهل السعادة في الدارين

🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼
 

هناك 22 تعليقًا:

غير معرف يقول...

موضوع ممتاز

غير معرف يقول...

موضوع جيد .. وهو بالفعل موضوع الساعه

غير معرف يقول...

حفظكم الله وبارك فيكم

غير معرف يقول...

روعة

غير معرف يقول...

موضوع مهم بارك الله فيك

غير معرف يقول...

ممتاز بجد الموضوع عجبني جدا

غير معرف يقول...

اسلوبك مميز بس اجعل من سردك لغه عربيه بسيطه

غير معرف يقول...

احبك على هذا السرد الممتاز

غير معرف يقول...

هذا هو اسلوب الغرب الادعاء الكاذب.. دائما ترفع الدول الغربية شعارات احترام حقوق الإنسان والحرية وتبني صورتها فى العالم على أنها دول ديمقراطية تحترم التعددية الفكرية والدينية، ولكن الحقيقة أنها شعارات مزيفة

غير معرف يقول...

احسنت

غير معرف يقول...

ممتاز احسنت السرد

غير معرف يقول...

بالتوفيق
نفع الله بك وبعلمك وزادك علماً وعملاً وإيماناً

غير معرف يقول...

ربنا يحفظكم

لميس يقول...

رائع

لميس يقول...

احسنت .. اللهم انصر فلسطين واهلها وسدد رميهم

لميس يقول...

الغرب مدعي الحريه والديموقراطيه فقط اما التطبيق فلا وجود له

غير معرف يقول...

جميل جدا

غير معرف يقول...

جميييل ي ابن الشيخ

غير معرف يقول...

جزاك الله خيراً وبارك فيك

غير معرف يقول...

ربي يحفظك جميل جدا استمر اخي

غير معرف يقول...

ممتاز دائما

غير معرف يقول...

أحسنت الطرح والعرض

كل ما تريد معرفته عن جروك Grok منافس ChatGPT

  جروك Grok سيحدث ثورة في عالم الذكاء الاصطناعي، حيث يتمتع بكثير من المميزات التي يفتقدها المنافسين له في نفس المجال وخاصة ChatGPT الذي يعت...