الأستَاذ الإمَام الشَيخ محمد مصطفى المراغى
شيخ الأزهر الأسبق
الشيخ المراغى كان إمام المسلمين فى عصره وحامل لواء الإصلاح الأزهرى تشريعا وتنفيذاََ و مراجعة ، وكان من الشمم الرفيع والخلق النَّزيه والترفع النبيل بمنزله يعرفها عنه كبار الحاكمين فيعدلون سلوكهم المتغطرس فى حضرته رعاية لمقامة وخوفاً من كلمة الحق أن تحرقهم حين تَـتِّقِدُ من فمه.
لقد تأدب الشيخ المراغى بأدب الدين والدنيا معاً ، فإذا عاشرته تتحقق من أنه بلغ الغاية في التهذيب الحديث مضافاً إلى ما تحلت به نفسه من فضائل الإسلام ، وإذا تحدث فى مجلس ملك قلوب السامعين ولا تلبث أن تقول :- إن هذا الشيخ يصلح لإمامة الدين والدنياء وأهم ظاهر فى أخلاقه تجرده عن المطامع الدنيوية فقد تقلد مناصب القضاء زمناً طويلًا ولم تحص له زلـة واحدة ، وكانت أحكامه أمثلة للعدل و الشرف .
ولقد وصفه عباس العقاد فقال :ـ ( إذا وجد بعد الشيخ محمد عبده من أستحق لقب الأستاذ الإمام فهو الشيخ محمد مصطفى المراغى أحسن اللّٰه إليه فلقد كان من أعلام هذه المدرسة الحرة وكانت له شجاعة الرأى فيما يخالف الرأى الشائع و العرف المصطلح عليه ، وكان من ذوى الحزم و الأصالة فى إدارة الجامع الأزهر يوم اشتجرت حوله منازع السياسة وتشعبت دسائس القصر الملكى ومراميه ، وكان صفا متقدما بين دعاة النهضة و التجديد )*(1).
ميلاده ونشأته و التحاقه بالأزهر
ولد رحمه اللّٰه فى { مدينة المراغة } من أعمال محافظة سوهاج في شهر ربيع الأول سنة 1298 هجرية الذى كان يوافق مارس سنة 1881 ميلادية في أسرة تتسم بالصلاح و التقوى ولما درج مدارج الصبا تعلم القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم ، ثم انتقل إلى مدينة طهطا القريبة من بلدته فتزود من علمائها و مشايخها ببعض العلوم و المعارف الإسلامية ، ثم سافر إلى القاهرة للالتحاق بالأزهر الشريف كعبة العلم و الدين فى عصره وفى كل العصور إلى مشاء اللّٰه تعالى .
وفي رحاب الأزهر تلقي العلوم على كبار مشايخه وفى مقدمتهم الشيخ على الصالحى من شباب علماء الأزهر المحققين ، وتأثر بأسلوبه في التوضيح و التبين كما تعرف بالأستاذ الإمام محمد عبده فأخذ عنه تفسير القرآن و علم التوحيد و علوم الحكمة و التاريخ و الاجتماع ، وتشبع بمبادئه الإصلاحية و منهجه السلوكى ومواقفه الوطنية و دراساته العلمية .
تخرجة من الأزهر وتعيينه فى منصب القضاء بـ السودان
لما تقدم الشيخ المراغى للامتحان فى أوائل سنة 1904 م ؛ كان حينئذ أصغر طالب أزهرى نال شهادة العالمية وصار الأول على زملائة ، وكان الأستاذ محمد عبده من جملة ممتحنيه و لاعجابه به رشحه لمنصب القضاء فى { مديرية دنـقـلـة } بـ السودان ثم مدينة الخرطوم ولما ليودع الأستاذ الإمام قبل سفره للسودان قال له الشيخ محمد عبده :– ( أنصحك أن تكون للناس مرشداً أكثر من أن تكون قاضياً ، وإذا استطعت أن تحسم النزاع بين الناس بصلح فلا تعدل عنه إلى الحكم ، فإن الأحكام سلاح يقطع العلاقات بين الأسر ، و الصلح دواء تلتئم به النفوس و تداوى به الجروح )*(2).
اختلافه مع قاضى قضاة السودان ورجوعه لمصر ثم عودته قاضيا لقضاة السودان :
بقى الشيخ المراغى بالسودان فى منصب القضاء من سنة
" 1904 م حتى سنة 1907 م " ثم اختلف مع قاضى القضاة هناك فى شأن اختبار المفتشين بالمساجد فاستقال من منصبه وعاد إلى مصر ليتولى بها بعض وظائف التفتيش بديوان الأوقاف و التدريس بالأزهر لكنه أعيد إلى السودان مرة أخرى في سنة 1908 م ، في منصب قاضى القضاة هناك وظل فى هذا المنصب نحو إحدى عشرة سنة حتى أواخر سنة 1919 م وفى أثناء توليه هذا المنصب اشتعلت ثورة الشعب المصرى بزعامة سعد زغلول ضد الاحتلال الإنجليزى .
وتحرك المصريون المقيمون بـ السودان ليجمعوا التبرعات لأسر الشهداء فى مصر وتولى الشيخ المراغى هذا العمل الخيرى فانهالت عليه التبرعات .
اصطدامه مع رجال الحكم الانجليزى فى السودان بسبب اعتداده بشخصه ورأيه
حين صار الشيخ المراغى قاضى القضاة فى السودان كان يصر على ألا يتقدمه الحاكم البريطانى ( الانجليزى ) فى موقف وحين شبت ثورة سنة 1919 م ؛ أرسل وفوده لقضاة الشرع فى شتى الأقاليم و معهم منشورات تثبت فظائع الانجليز.
فأراد الحاكم الانجليزى أن يمنع التبرع و أرسل المستر ( دن ) رئيس القضاء المدنى إلى الشيخ المراغى ليبلغه بذلك فرفض واحتد النقاش بين الرجلين وفجأة قال المستر ( دن ) للشيخ المراغى { أنا أكلمك كرئيس } .
فانتفض الشيخ المراغى ليصيح فى وجهه { من انت ؟ أنا رئيس مثلك كنت أفهم أنك تعرف واجبك و لا تتعدى حدود اللياقة ، فأنـا قاضى القضاة ولا رئيس لى هنا و الحاكم العام للسودان معين بأمر من سلطان مصر و السودان ، وهو حاكم سياسى وأنا معين مثله من سلطان مصر و السودان فأنا مُـمَـثِّـلُـهُ الدينى و القضائى فلا إشراف لأحد منا على الآخر }.
وذهب مستر ( دن ) ليفضى إلى الحاكم العام للسودان الانجليزى بما قاله الشيخ المراغى فكتب إلى وزير الخارجية البريطانى فى لندن ليقول عنه :– ( إن الشيخ المراغى يعد من دهـاة الـعـالـم ).
وعندئذ رأت بريطانيا أن تبعده عن السودان و قررت إعفاءه من منصبه حين وقف أمام ممثليها فى السودان ثـابت الجأش قوى المراس فـألـغـت عقده ؛ * (3).
عودتة إلى مصر للمرة الثانية و محاولاته فى إصلاح المجتمع
رجع الشيخ المراغى مهيباً كريماً إلى مصر ليتبوأ مركزه القضائى فى المحكمة العليا الشرعية عن جدارة وعزة نفس ، فوقف على مشكلات الأسر و مأزق الطلاق و معضلات النفقة و أزمات الميراث وجعل بتصفح أقوال الفقهاء من جميع المذاهب ليختار منها مايريح الناس عن بصيرة موغلة فى أسرار التشريع وقضايا الأصول و موجبات القياس و الأخذ بالاستحسان وسد الذرائع دون تعنت فى التطبيق أو تنطع فى التعليل.
وعندما وقف أمام إصلاحاته بعض المعارضين جادلهم الشيخ المراغى بالتى هى أحسن فكتب فصولا فى ذم التقليد تعد من أبرع ماقيل فى موضوعها ، وأظهر أن قانون المحاكم الشرعية للأحوال الشخصية - الذى سبق له إعداد مشروعه كان رحمة للناس حين أخذت به الوزارة ، وألزمت القضاء أن يعملوا بمقتضاه .
ولئن خالفه مخالف فتلك طبيعة العلم فى كل زمان و مكان ، و مازالت الأئمة فى القديم و الحديث تأتى بما يؤخذ منه ويرد دون أن يجحد لفاضل فضله ، وفى كتب الفقه الإسلامى من الآراء و المذاهب مافيه شفاء للناس إذا أحسن التخير وصدقت النية وصحت العزيمة .
ثم ينهى الشيخ كلامـه بقوله :– ( غير أنـه لا يفوتنى - وقد كنت قاضـيـا من قـبـل - أنَّ إصلاح القانون إصلاح لنصف القضاء فحسب ، أما النصف الآخر فهو بين القاضى وبين نفسه ، لأن عليه أن يفهم الوقائع أو لا كما هى بعد تلمس أدلتها ، ونقدها وبعد الموازنة بينها ، وعليه أن يبدل الجهد لئلا يطول الوقت فيفلت الحق من يد صاحبه ، وعليه أن يشعر الناس جميعاً بالاطمئنان إليه ، وأن يحملهم على الرضاء بحكمه ، ولو كان عليهم بسيرته الظاهـرة وبعده عن الشبهات ) *(4).
نجاته من محاولة قتله لمنعه من الحكم فى إحدى قضايا الوقف
حاول بعض الكبراء أن يغريه بعشرة آلاف من الجنيهات نظير أن يتنحى عن نظر قضية وقف له إذ أحس ذلك الشخص أن الشيخ المراغى لن يحكم بغير ما يعتقد أنه الحق .
فلمس الشيخ بوادر الاحتيال الدنىء فأصر إصراراً جازماً على أن يبت بنفسه فى الحكم فضاق ذلك الكبير ذرعاً بموقفه وسول له الشيطان أن يقتله فى طريقه إلى المحكمة كيلا ينطق بالحكم .
وفوجىء الشيخ المراغى بمن يلقى بماء النار عليه فتحرق رقبته ويولى الجانى هارباً زلنا أن موته محقق ولكن الشيخ تحمل النار الكاوية فى رقبته وذهب إلى المحكمة لينطق بما يعتقد أنه حكم اللّٰه ، ثم يتوجه إلى المستشفى كى يعالج إصابته وحين أقام الشيخ دعوى التعويض على الجانى كلف نقيب المحامين لمباشرة الدعوى إلا أن ذلك المحامى مات بعد المرافعة دون أن يترك لأسرته شيئاً ذا بال .
فرأى الشيخ أن يتنازل لورثة المحامى عن الآلاف التى حكمت له عن كرم وسماحة نفس *(5).
تعيينه شيخاً للأزهر ومحاولاته إصلاح التعليم به
عين الشيخ المراغى شيخاً للأزهر فى _ مايو سنة 1928 م ؛ حينما أحس كل من ملك البلاد يومئذ وزعماء الأحزاب فى مصر أنهم لا يستطيعون تخطى رجل مثله بكل علمه وفضائله فاهتبل السيخ الفرصة وجاهد جهاد الأبطال لإصلاح حال التعليم الأزهري ليواكب متطلبات العصر .
ذلك أنه رأى الجامعة المصرية الحديثة مطمح الأنظار بكلياتها الناهضة ، وكانت الوظائف الراقية تحتضن المتخرجين منها احتضاناً بوصفهم أبناء المدارس العالية مناط الخطوة والرجاء .
وطالب الأزهر يقطع عمره الطويل فى دراسته ثم لا يعترف به أحد ، لقد حل غيره محله إذ فتحت مدرسة القضاء الشرعى لتخريج القضاة ، وهيئة دار العلوم لإعداد مدرسى اللغة العربية و الدين ، و شرعت وزارة الأوقاف فى إعداد مدرسة ممائلة لتخريج الوعاظ و الخطباء.
فماذا عسى يبقى بعد ذلك لمريدى وطلاب الأزهر الشريف..!؟ ويمضى بهم العمر دون أن يشعر بهم أحد .
ورأى الشيخ المراغى أن المطالبة بحقوقهم لن تكون مقبولة منطقياً إلا إذا اتصل الأزهرى بثقافة عصره وألـمِّ بحضارته المدنية وعلومه الحديثة وهيىء بسلاح مماثل لسلاح النظراء مما يقتضى إنشاء كليات أزهرية ثلاث :
تختص إحداها بالشرعية ، وثانيها بالعقيدة ، وثالثها باللغة وأنه لابـد أن يـكـون الـكـتـاب و الطالب و الأستاذ فى مستوى الإفادة المتحققة ، ثم لا بد أن يتاح لمن يتخرجون فى هذه الكليات أن يأخذوا بنصيبهم من الحياة يعطون أمتهم من جهودهم المثمرة .
و بالفعل رسم الشيخ المراغى خطة الإِصلاح واضحة النقاط وحدد الزمن وعين المنهج واختار المواد ، وأعد المشروع الضخم فى قـالـبـه القانوني بعد أن مهد له خطيباً فى المحافل ومناقشاً فى الصحف السيارة *(6).
الملك فؤاد يعارض مشروع الإِصلاح مما يضطر الشيخ المراغى للاستقالة
لعبت الوشاية دورا ناجحاً ضد الشيخ المراغى مما جعل الملك فؤاد يعتقد أن فى هذا التطوير للتعليم الأزهرى ما يضعف قبضته على الأزهر فجمد المشروع المقترح مما اضطر الشيخ المراغى إلى الاستقالـة سنة 1929 م ؛ ولما يمض على توليه مشيخة الأزهر الشريف سوى عام واحد فقط *(7).
تعين الشيخ الأحمدى الظواهرى شيخاً للأزهر وسيره على خطة سلفه
عندما عين الشيخ الأحمدى الظواهرى شيخاً للأزهر لم يغير شيئا من خطة الشيخ المراغى فى إنشاء الكليات الأزهرية الثلاث فتحول الجامع إلى جامعة ودب النشاط العلمى حافلا بين كلياته و كان الأساتذة فيها صفوة من الأزهريين ومن أساتذة الجامعة المصرية أمثال الأساتذة أمين الخولى و على الجارم و عبدالوهاب عزام *(8).
عـودة الشيخ المراغى إلى مشيخة الأزهر مرة أخرى سنة 1935 م
لم تكن للشيخ الأحمدى الظواهرى شعبيـة الشيخ المراغى ثم حدثت تصرفات أسىء فهمها و أثارت الأزهريين ضده فقامت المظاهرات و الاضرابات من الطلاب فأقيل ، و أعيد الشيخ المراغى للمرة الثانية شيخاً للأزهر*(9).
دعوته ضد الإرساليات التنصرية الأجنبية
فى صيف سنة 1933 م تبنى الشيخ المراغى قضية الدعوة ضد الإرساليات الأجنبية لما ثبت مما نشرته الصحف المصرية جميعها أن تلك الإرساليات قد قامت بمحاولات يائسة لتنصير عدد من المسلمين إغراء بـالمال و المناصب ؛ حتى دعت جريدة السياسة أمام هذه الوقائع المنكرة إلى إغلاق جميع الإرساليات فى مصر *(10).
النشاط الثقافى خلال توليه مشيخة الأزهر
اتسم عهد المراغى خلال توليه مشيخة الأزهر بالنشاط الثقافى وتوغل شباب الأزهر فى شئون الحياة المختلفة ، وكانوا من قبل فى عزلة وانقباض وسعى لدى المسئولين بالحكومة للحصول على حقوقهم كما نال مدرس الأزهر مرتبات مجزية ؛ وفى عهده تم إيفاد جمهرة من نابغى الأزهر إلى أوروبا للدراسات الأدبية و الفلسفية و العلمية ؛ ففى سنة 1935 م أُفـد إلى ألمانيا بعثُ من الأزهريين تخليداً لذكرى الشيخ محمد عبده ؛ كان من بين أعضائه الدكتور محمد البهى و الدكتور محمد عبداللّٰه ماضى درسا الفلسفة و التاريخ الإسلامى .
وفى سنة 1936 م تم إيفاد الأستاذ عبدالعزيز المراغى و الدكتور محمود حسب اللّٰه لدراسة التاريخ و الفلسفة فى انجلترا ، كما أرسل الدكتور على حسن عبدالقادر لدراسة مقارنة الأديان فى ألمانيا ، ثم أرسل إلى فرنسا الأساتذة الدكتور محمد عبداللّٰه دراز و الشيخ عبدالرحمن تاج و الدكتور محمد الفحام و الأستاذ الدكتور عفيفى عبدالفتاح ثم انضم إليهم الدكتور ( عبدالحليم محمود ) ؛ فدرسوا مقارنة الأديان وفى آخر ذلك أضيف إليهم الدكتور محمد يوسف موسى *(11).
أدب الشيخ المراغى و خطبه
شب __ رحمه اللّٰه __ مفطوراً على حب الأدب مكثراً للاطلاع و التروى من آثاره و مما وفق إليه خطبه المنبرية يوم الجمعة إذ كانت موضع العجب و الاعجاب حيث جعلت إمام المسلمين يقف موقف رسول اللّٰه - ﷺ - و الخلفاء من بعده على أعواد المنابر ليهتفوا بكلمة اللّٰه - داعيا إليه فى بيان ساحر .
دروسه فى تفسير القرآن الكريم
كانت دروسه فى تفسير القرآن مواسم عالمية خلال شهر رمضان و كانت الإذعة المصرية تنقل هذه الدورس إلى شتى بلاد الإسلام ، وكان من جودة الإلقاء وقوة الاختيار وسهولة العرض وصدق النظر وبراعة التفسير وجمال التعبير وعذوبة الصوت ما جعله مطمح العلماء وموضع احتذائهم ، إذ كانت أصوله كتاب اللّٰه و سنة رسول اللّٰه_ ﷺ_ ثم روائع الإمام على _ كرم اللّٰه وجهه _ و الإمام الحسن البصرى و الإمام الأوزاعى و غيرهم من الأئمة الأعلام .
موقف الشيخ المراغى مـن الانجليز عندما قامت الحرب العالمية الثانية
حين قامت الحرب العالمية الثانية كان مركز انجلترا فى بدايتها ضعيفاً حرجاً إذ توالت انتصارات ألمانيا النازية على يؤذن بانهزام انجلترا وحلفائها ، واضطرت انجلترا أن تذيع فى الناس انها تحارب من أجل الإنسانية أمام دكتاتور ألمانيا وطلب ممثل انجلترا فى مصر ( لورد كيلرن ) من الأستاذ الأكبر الشيخ المراغى بوصفـه شيخاً للأزهر أن يذيع على العالم الإسلامى بياناً يعلن فيه أن انجلترا تحارب فى سبيل الديمقراطية لترعى حقوق العدالة والأخوة والمساواة .
فتعاظم الشيخ المراغى أن يجرؤ السفير الانجليزى على طلبه فلم يشأ ان يغفل الطلبة كأن لم يكن ولكنه انتهز فرصة لاحتفال بموسم دينى فألقى أمام ملك البلاد وقتئذ خطبة رنانة توضح ما قاسته مصر و العالم الإسلامى من أهوال هذه الحرب المدمرة حين سقطت القنابل على مدينة الاسكندرية وبعض المدن المصرية فأحدثت من الضرر النفسى ما فاق الضرر المادى .
ثم هتف صريحا بأن مصر تكابد حربـا ( لا نـاقـة لـهـا فـيـها و لا جـمـل ) وأن المتحاربين فى المعسكرين المتنابذين لا يمتان إليها بسبب.
وانتشرت خطبة شيخ الأزهر وقتئذ على الأثير فى شتى أنحاء العالم ففزع السفير الإنجليزى فزعاً شديداً ، واتصل تليفونيا فى منتصف الليل برئيس وزراء مصر - حسين سرى باشا- وقتئذ طالبا منه اقالة الشيخ المراغى ولما اتصل رئيس الوزراء المذكور.
وكان ذلك تليفونياً قبل الفجر بالشيخ ليجتج عليه وينذره بأنه لابد ان يحيطه علماً بكل مايقول قبل أن يخطب به ، رد الشيخ المراغى على رئيس الوزراء رداً عنيفاً وقال له :- ( أتريد أن أعرض عليك كلامى ؟ من انت ؟ أنا استطيع أن أقيلك من منصبك بخطبة واحدة من فوق منبر الأزهر أو منبر الحسين ، قل هذا لمن هددك ، وانقل الحديث إلى السفير البريطانى ) فآثر رئيس الوزراء السكوت .
مواجهته لملك البلاد فاروق وتمسكه بحكم الشرع أمامه
كان الملك السابق فاروق إبان حكمه قد طلب من الشيخ المراغى أن يفتى بتحريم زواج الملكة فريدة بعد طلاقها منه فرد الشيخ المراغى على الملك بشجاعته المعهودة بقوله
:-{ أمـا الـطـلاق فـلا أرضـاه ، وأمـا الـتـحـريم فـلا أمـلـكـه } .
مؤلفاته
من أهم مؤلفاته الأبحاث و الكتب
1- الأولياء والمحجورون - وهو بحث فقهى لا يزال مخطوطاً بمكتبة الأزهر يتناول فيه موضوع الحجر على السفهاء والذين يتولون أمورهم بعد الحجر ، وقد نال الشيخ المراغى بهذا البحث عضوية هيئة كبار العلماء .
2-تفسير جزء تبارك وهو أيضا لا يزال مخطوطاً وقد قصد به أن يكون تكملة لتفسير جزء عم للأستاذ الإمام محمد عبده.
3- بحث فى وجوب ترجمة معانى القرآن الكريم.
4- رسالة بعنوان ( الزمالة الإنسانية ) كتبها لمؤتمر الأديان فى لندن .
5- بحوث فى التشريع الإسلامى ، وأسانيد قانون الزواج رقم 25 لسنة 1929 م .
6- مباحث لـغـوية بلاغية .
7- دروس دينية نشرت فى اعداد بمجلة الأزهر واشتملت على تفسير لبعض سور القرآن الكريم ، وقد ألقى الشيخ المراغى هذه الدورس فى المساجد الكبرى فى القاهرة و الاسكندرية وحضرها ملك البلاد فى ذلك الحين .
8- مجموعة من المقالات و الخطب و الأحاديث و الكثير منها نشر فى مختلف الصحف العربية و الأوربيه ، كما نشرت نماذج منها فى نهاية كتاب الشيخ المراغى بقلم بعض الكتاب .
أسلوبه فى الـكـتـابة
بلغت كتابة الشيخ المراغى طبقة عالية من حسن الديباجة وجمال العبارة ، وإشراق المعنى وحسن السبك ولم يحاول أن ينهج نهج الساجعين المتكلفين ، وكثيراً ما كان يتمثل بالشعر العربى الرصين فى مواطن من كتاباته .
وإذا تناول بحثاً علمياً لم يبعد به عن روعة البيان وصفاء العبارة.
مــرض الـشـيـخ الـمـراغـى و وفــاتــه
لما شعر الشيخ المراغى بأعراض المرض و كان فى مشيخة الأزهر دخل ( مستشفى المواساة ) بمدينة الاسكندرية وذلك فى أوائل شهر رمضان المبارك سنة 1364 هـ ؛ للعلاج وكان يقضى معظم وقته فى تفسير -سورة القدر - و ماجاء فى شأن ليلة القدر من الآيات و الأحاديث النبوية ليلقى درساً بشأنها فى ليلة السابع و العشرين من شهر رمضان و لكن الله اختاره إلى جواره فى 14 رمضان سنة 1364 هـ الموافق 22 من أغسطس سنة 1945 م .
رحـم اللّٰه الشيخ محمد مصطفى المراغى فلقد كانت حياته تتسم بالعزة والكرامة و الوقار و الاحترام حتى ليرغم على إجلاله واحترامه عظماء الناس وكبراءهم فيهابونه لشخصه ثم لمنصبه .
كما أنه اعز شرف العلم والدين وصان كـرامة العلماء فدان بإجلاله وتوقيره الناس جميعا فوق ما كانوا يدينون .
هذا و باللَّهِ التَّوفيقُ ؛؛ و اللَّه أعلم 🌼🌼🌺🌺
إلى أن ألقاكم بإذن الله على مدونتي الشخصية
#بصمات_من_ياقوت_ومرجان
صلوا على رسول اللّٰه 🌼
زيارتكم تُسعدني و متابعتكم تجعلني في قمة السعاده
جعلنا الله وإياكم أن شالله من أهل السعادة في الدارين
🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼
* الـمـراجـع .___________________________
*(1) - نقلا عن كتاب من منطلق إسلامى الجزء الأول تأليف الدكتور محمد رجب البيومى.
*(2) - كتاب الأزهر وأثره فى النهضة الأدبية للدكتور محمد كامل الفقى جـ 2.
*(3) - كتاب النهضة الإسلامية فى سير آعلامها المعاصرين .
*(4) - كتاب النهضة الإسلامية فى سير آعلامها المعاصرين ، المرجع السابق.
*(5) - كتاب النهضة الإسلامية فى سير آعلامها المعاصرين ، المرجع السابق.
*(6)- كتاب النهضة الإسلامية فى سير أعلامها المعاصرين ، المرجع السابق.
*(7) - الكتاب التذكارى بمناسبة احتفالات العيد الألفى للأزهر .
*(8) - كتاب النهضة الإسلامية فى سير أعلامها المعاصرين ، المرجع السابق.
*(9) - الكتاب التذكارى للأزهر بمناسبة عيده الألفى ، المرجع السابق .
*(10) - كتاب النهضة الإسلامية فى سير أعلامها المع
اصرين ، المرجع السابق.
*(11) - كتاب الأزهر وأثره فى النهضة الأدبيه الحديثة .











