المتابعون

الجمعة، 7 يوليو 2023

Love your mom and dad


 

الحمد لله ربِّ العالمين ، و الصلاة و السلام على سيِّدنا محمدٍ و آلِه ... وبعد ، 

السَّلامُ عليكم و رحمةُ اللَّه و بركاته.

بِـرُّ الـوالِـدَيـن

مـن أَخطرِ الموضوعاتِ و أهمِّها التي يجبُ التذكيرُ بها في كل وقتٌ (( بِـرِّ الـوالـديـنِ )) و التزامِ الأدابِ في معاملةِ الأباءِ و الأمهاتِ ، وما وردَ في التَّرغيبِ _بـبـرِّ الـوالـديـنِ_ و التَّحذيرِ من عـقـوقِـهـمـا من أحكامٍ شرعيَّةٍ واضحةٍ و صريحةٍ في القرآنِ الكريم و السنةِ النبويَّة المطهرةِ .

وأولُ ما يَلفِتُ نظرَ المسلمِ في شأنِ هذا الموضوعِ هو تكرارُ ورودِه في القرآنِ الكريمِ سبعَ مراتٍ في صورةِ توجيهاتٍ صريحةٍ ؛ يقول اللَّهُ تعالى : 

_{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَٰقَ بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا ٱللَّهَ وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَانًا }{ البقرة : ٨٣}.

_ { ۞ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا }{ النساء : ٣٦ }.

_{ ۞ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۖ }{ الأنعام : ١٥١}.

_{ ۞ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا }{ الإسراء : ٢٣}.

_{ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ }{ لقمان : ١٤ }.

_ { وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا ۖ }{ العنكبوت : ٨}.

_{ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ۚ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ } { الأحقاف : ١٥ }.

كما ورَدَ _ أكثَرَ من مرَّةٍ _ في صورةِ ثناءٍ على الأنبياءِ و المرسلين بما هم أهلُه من نُبْلِ الأخلاقِ الإنسانيةِ ، وفي الذُّؤابةِ منها برُّ الوالدينِ ؛ مثل قولِه تعالى في شأنِ سيدِنا يحيـي _ عليه السلام_ : { يَٰيَحْيَىٰ خُذِ ٱلْكِتَٰبَ بِقُوَّةٍ وَءَاتَيْنَٰهُ ٱلْحُكْمَ صَبِيًّا (١٢) وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَوٰةً وَكَانَ تَقِيًّا (١٣) وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا (١٤) وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (١٥)}{ مريم : ١٢_١٥ }.

و في قولهِ تعالى حكايةً عن سيدِنا عيسى _ عليه السلامُ _ في معجزتِه التي تفرَّدَ القرآنُ الكريمُ بتسجيلِها و ذِكرِها ، و هي : كلامُه في المهدِ ، وفي عُمْرٍ لا يَقدِرُ الأطفالُ فيه على النطقِ بالحروف ، و ذلك حين واجهَت السيدةُ مريمُ _ عليها السلامُ_ ما واجهت بعد ما اتَّهمُوها و سألُوها ، و كانت قد أُمِرَت بالصيامِ عن الكلامِ ، فأشارَت إليه _ عليه السلامُ_ و هي تنظرُ إليهم نظرةَ مَن يُحيلُ السؤالَ إليه _عليه السلامُ_ وقدِةاستنكروا ذلك منها ، و لكن سرعانَ ما فاجأتهمُ المعجزةُ حين خاطَبهم _عليه السلامُ_ بلسانٍ فصيح : { قَالَ إِنِّى عَبْدُ ٱللَّهِ ءَاتَىٰنِىَ ٱلْكِتَٰبَ وَجَعَلَنِى نَبِيًّا (٣٠) وَجَعَلَنِى مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَٰنِى بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱلزَّكَوٰةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (٣١) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (٣٢)}{مريم : ٢٩_٣٢ }.

و تدلُّ هذه الآياتُ مجتمعةٍ أنه سبحانَه فرضَ حقوقًا لأعضاءِ الأسرةِ ، وجعلَ من أوجبِها وأعظمِها خطرًا حقوق الآباءِ و الأمهاتِ على الأبناءِ كما تدلُّ على أن مطالبةَ الأبناءِ بأداءِ هذه الحقوقِ لوالدَيهم ليست مجرَّدَ وصايا خُلقيةٍ خاليةٍ مِن أحكامٍ تكليفيةٍ يترتَّبُ عليه الثوابُ و العقابُ ، أو لنَقُلْ : من وجوبٍ أو حرمةٍ ، فالحقوقُ في هذه الآياتِ و إنْ وردَ بعضُها بصيغةِ (( الـوصـايـا )) ، إلا أنَّها في حقيقتِها أوامرُ ونَواهٍ تكليفيةٌ ، يدلُّ على ذلك أنها وردتْ في القُرآنِ الكريمِ إمَّا تاليةً للأمرِ بعبادةِ اللَّه و توحيدِه ، و إما مقرونةً بما يجبُ لله تعالى على العبدِ من شكرٍ : { أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ }{ لقمان : ١٤}.

و في هذا الاقترانِ و التجاوُرِ بين التكاليفِ المتعلِّقةِ باللَّه تعالى : إيمانًا وعبادةً وشكرًا ، و بين شُكرِ الوالدَيْنِ و الإحسانِ إليهما _ ما يدلُّ على عِظَمِ المسؤوليةِ و خطرِها في حياةِ المسلم ، و أنَّها قضيةٌ لا يُقبلُ في الإبطاءِ بالوفاءِ بها تبريرٌ و لا اصطناعُ عللٍ أو معاذيرُ .

عزيزي /ت القارئ /ة…!

إن التَّذلُّلَ أو خفضَ جناح الذلِّ للوالدَيْنِ هو أوَّلًا من باب سدادِ الدُّيونِ كما قُلنا ، ثم هو خُلُقٌ من أخلاقِ الواجبِ و الوفاءِ و المروءةِ ، و مصدرُه الرحمةُ ورقةُ القلبِ و استقامةُ الضميرِ ، وإذا بذلَه الأبناءُ فإنما يبذلونَه طواعيةً و اختيارًا ؛ امتثالًا لأمرِه تعالى و تقرُّبًا إليه ، لا تضطرُّهم إليه زُلفى و لا مصلحةٌ ، ولا يشعرونَ معه بشيءٍ منَ الهوانِ أو النِّفاقِ أو المداهنةِ التي تَلحَقُ المُتذلِّلَ الناسِ من أجلِ الحاجةِ و المصلحةِ ، سواءً أكان التذلُّلُ سجيَّةً في طبعِه ، أم ممَّا ألجأتْه إليه خلائقُ الحِرصِ ، و قديمًا قال العرب : ( أذلَّ الـحـرصُ أعـنـاقَ الـرجـالِ ) .


سَمِعنا مرارًا و تكرارًا الترغيبَ و الترهيبَ في شأنِ ((بـرِّ الـوالـديـن )) سواءً من آياتِ الكتابِ الكريمِ أم أحاديثِ النبي ﷺ ، و عرفنا أن (( بـرَّ الـوالـديـنِ )) من أفضل الأعمال قاطبةً بعد التوحيدِ و عبادةِ اللَّه ، و أنه على قَدَمِ المساواةِ مع الصلاةِ و الزكاةِ : { وَأَوْصَٰنِى بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱلزَّكَوٰةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (٣١) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي }{ مريم : ٣١_٣٢}.

و أنَّ عقوق الوالدينِ من أكبرِ الكبائرِ حتي لو كان العقوقُ بكلمةٍ غيرِ مهذَّبةٍ ، أو كلمةٍ تعبِّرُ عن الضِّيقِ ، مثل ، ( أُفــ ) : { فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا }{ الإسراء : ٢٣ }.

و الأبُ والأمُّ سواءٌ في وجوبِ برِّهما ، و بعضُ الأئمَّةِ يرى استحقاقَ الأمِّ مزيدًا من البرِّ ، للحديثِ الذي نحفظُه جميعًا : (( أمِّـكَ ، ثـمَّ أمُّـكَ ، ثـمَّ أبـوكَ ))…*(١).

و مما يدل على خطر هذا الموضوع: أن بِـرَّ الـوالـديـن واجبٌ على الأبناءِ حتى لو كان الوالدانِ كافِرَيْنِ ، و يَتأكَّدُ البرُّ في حالِ كِبَرِ الوالدينِ و ضعفِهما أو مرضِهما ، و هنا يجِبُ _ و جوبًا حتميَّا _ على الأبناءِ ألَّا يَضيقُوا ذَرْعًا بإقامةِ الأبِ و الأمِّ مع أسرِهم ، و ألَّايلجؤوا إلى وَضْعِ الأبوينِ في دُور المسنِّين ، اللَّهم إلَّا للضروراتِ القُصوى ؛ كعجزِ الأبناءِ عن رعايةِ الوالدَينِ أو تمريضِهم ، فحُكمُ الأبناء في هذه الحالِ حُكمُ المضطرٌّ ، و لكن يَلزمُهم (( الـبـرُّ و الإحـسـانُ )) بهم ، و الحرصُ على زيارتِهم واستمرارِ التواصلِ معهم ما استطاعُوا إلى ذلك سبيلًا.

و على الـزوجـةِ ألا تَـضِـيـقَ صـدرًا بهذا الواجبِ الخُلقيِّ ، و أن تُشَجِّعَ زوجَها على الوفاءِ به تجاه والدَيْة ، و ليَعْلَمَ الزوجانِ أنَّ ما يُقدمانِه في هذا الشَّأن يُدَّخَرُ لهما ويُجازيانِ به في الدنيا قبلَ الآخرةِ ؛ إنْ خيرًا فخيرٌ ، و إن شَرًّا فشرٌّ ، قال رسول اللَّه ﷺ : (( بِـرُّوا آبـاءَكُـم تَـبَـرَّكُــم أبـنـاؤُكُـم ، و عِـفُّـوا تَـعِـفَّ نِـسـاؤُكُـم ))…*(٢).

هذا و اللّٰه أعلم 🌼🌼 باللَّهِ التَّوفيق🌺🌺 .

إلى أن ألقاكم أن شالله في يومي الإثنين و الجمعة من كل أسبوع على مدونتي الشخصية 

  ‏ ‏#بصمات_من_ياقوت_ومرجان

  ‏صلوا على رسول اللّٰه 🌼

  ‏ ‏زيارتكم تُسعدني و متابعتكم تجعلني في قمة السعاده 

جعلنا الله وإياكم أن شالله من أهل السعادة في الدارين.

🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼

______________________________________

*(١) أخرجه البخاريُّ في (صحيحه)(٥٩٧١) و مـسـلم في (صحيحه) (٢٥٤٨) من حديث أبي هـريـرة رضي اللّٰه عنه.

______________________________________

*(٢) أخرجه الحاكم بنحوه في ( مستدركه) : ١٥٤/٤ ، من حديث أبي هريرة رضي اللّٰه عنه ؛ و قال : (( حديث صحيح الإسناد )).

_________________________



 











هناك 3 تعليقات:

غير معرف يقول...

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
عقوق الوالدين قرين الشرك..وهو من الكبائر فالعاق لايدخل الجنة
ولا ينظر الله إليه وملعون وقد تُعجَّل عقوبته في الدنيا قبل الآخرة

غير معرف يقول...

راضية بديني

غير معرف يقول...

تسلم ايدك يا ريس

تشغيل الأطفال بين الإفراط و التفريط - Children's work

  الحمد لله ربِّ العالمين ، و الصلاة و السلام على سيِّدنا محمدٍ و آلِه ... وبعد ،  السَّلامُ عليكم و رحمةُ اللَّه و بركاته. أن الأصل في مرحل...