المتابعون

السبت، 15 أبريل 2023

Scourge and affliction_البلاءُ و الابتلاءُِ

 


البلاوُ

في الأصل هو الاختبارُ ، و يكونُ بالشرِّ كما يكونُ بالخيرِ ، قال تعالى { وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ }

{ الأنبياء : ٣٥ }.

و قال تعالى : { وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ } 

{ الأعراف: ١٦٨}.

و قال تعالى { فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ ( ١٥ ) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ( ١٦ ) }{ الفجر : ١٥_١٦}.

و العبدُ يُختبرُ بالنعمةِ ليشكرَ فيثابُ على شُكْرِه ، و يُبتلى بتَضييقِ الرِّزقِ عليه فيصبِرُ فيثابُ على صبرِه ، و يجِبُ أن نعلَمَ أنَّ الشُّكرَ و الصَّبرَ يتحقَّقانِ بالحالِ لا بالمقالِ ، أي: يكونُ حالُه و تصرُّفُه دالًّا على الشُّكرِ و الصَّبرِ ؛ و شكرُ النعمةِ يكونُ ببذلِها للمحتاجِ ، و الصبرُ على الفقرِ يكونُ بالتَّسليمِ لله تعالى فيما قَضاه و قدَّره على العَبدِ من فَقرٍ أو مَرضٍ أو غيرهما من أنواع الابتلاء .

و قد اختلف العلماءُ في الشاكرِ على النعماءِ ، و الصابرِ على الضراءِ : أيُّهما أكثرُ ثوابًا ؟ فمنهم مَن قال : الشاكرُ على النعمةِ ؛ لأنَّه يقاوِمُ إغراءَها و دعوتها للبخلِ و الجشعِ ، و منهم مَن قالَ : الصابرُ على الضراء أكثرُ ثوابًا لمعاناتِه و حرمانِه ؛ و قد قالَ عبدُالرِّحمن بن عَوف _ رضي اللّٰه عنه _ : [ ابتُلِينا مع رَسولِ اللَّهِ ﷺ بالضَّرَّاءِ فَصَبَرْنا ، ثمَّ ابتُلِينا بالسَّرَّاءِ بعده فلم نَصبِر ] _ أخرجة ( التِّرمذيُّ ) في جامعه ( ٢٤٦٤ ) و قال : 

(( حديثٌ حَسَنٌ )).

و ذلك أنَّ شكرَ النَّعماءِ لا يتحقَّقُ إلَّا بالإنفاقِ منها و هو أمرٌ صعبٌ على النُّفوسِ ، و لا يُطيقُه إلَّا هؤلاءِ الصَّفوةُ الذين يَضعونَ المالَ في أيدِيهم ، و يَنزِعونَ مِن قلوبِهم حُبَّه و شهوتَه و سطوتَه.

و إذن قد يكونُ الابتلاءُ بالمصائبِ من أجلِ أن يتعرَّضَ العبدُ لثوابِ الصبرِ ، و هو ثوابٌ عظيمٌ .

و إذن فلا تَلازُمَ أبدًا بين البلاءِ و بين حالِ العبدِ : طاعةً أو عِصيانًا ، استقامةً على منهجِ اللَّه تعالى أوِ انحرافًا عنه ، كيف و الأنبياء الذين هم صفوةُ الخلقِ أشدُّ الناسِ بلاءً !؟ وإذا طبَّقْنا ( البلاءَ ) بهذا المفهومِ على حالة الأمراض و الأَوْبِيَةٌمثل وباء الطاعون و الكوليرا و الحصبة و أخراهم كورونا فمِنَ الصَّعبِ القطعُ بالقَولِ بأنَّه في تعريضٌ للعبادِ للصبرِ ، فهذا المفهومُ يَظهرُ اوضحَ ما يَظهرُ في ابتلاءِ مَن يحبُّهم اللَّهُ من عبادِه ، و الأوفقُ أن نُفسِّر بِعُقولِنًا أن و باءَ مثل الطاعون و الكوليرا و آخرهم وليس بى الآخر كورونا بأنَّه عقوبةٌ أو رسالةُ تحذيرٍ من السماءِ أو لِنقُل : إنِّه نذيرٌ لعالمنا المعاصِرِ الذي ضلَّ الطريقَ ، وانحرفَ عن سواءِ السَّبيلِ ، و مصبيةٌ أصابَتْنا بما كسبَتْ أيدِينا.

و لَسنا بحاجةٍ إلى الكَشفِ عنِ انحرافاتِ العالَمِ المعاصِرِ (( عِلمًا و سياسةً و إعلامًا و فنٍّا و أخلاقًا و سلوكًا.

و مَن يَرْتَبْ في هذا الكلامِ عليه أن ينظُرَ إلى الأزماتِ الاقتصاديَّةِ و ما نتجَ عنها من فقرٍ و مجاعةٍ و بطالةٍ و استغلالٍ ، و فروقٍ فلكيَّةٍ بينَ الفُقراءِ و الأغنياءِ ، و تطويقٍ للدُّولِ الفَقيرةِ بالدُّيونِ ، و عَبثٍ بالبيئةِ ، و إذكاءٍ لنيرانِ الحروبِ مِن أجلِ تشغيلِ مصانع السلاحِ ، و اصطناع للفِتَنِ بين المتدينينَ و العلمانيِّينَ ، لا ستنزافِ طاقاتِ الشَّباب و إلهائِهم و شَغْلِهم عن كُل ما ينفعُ .

و أخطرُ هذه الانحرافاتِ : المجاهرةُ بالرَّذائلِ و المحرَّماتِ ، و إلباسُها ثوبَ المشروعيَّةِ القانونيَّةِ و الاجتماعيَّةِ ، و حَملُ النَّاسِ على نَزعِ بُرْقُعِ الحياءِ الفِطريِّ من على وجهِ الرجلِ و المرأةِ.

لقد أصبحَ مِنَ المعتادِ الآنَ في هذا العالَمِ المعاصِرِ أن يُقدِّمَ لك رَجلٌ من رِجالاتِ المجتمَعِ المرموقينَ صديقَه على أنه زوجتُه ، أو يُعلنَ زواجَه من عشيقتِه التي أنجبَ منها أطفالًا كبارًا في ظِلِّ علاقةٍ آثمة.

ألم تكن مجاهرةُ اليوم بهذه العِلَل و الأمراضِ الخُلُقيِّةِ سببًا كافيًا .

فيما سلف من سُلوكِ الأُممِ و الحضاراتِ لتدميرِ قريةٍ كاملةٍ جعلَ اللَّهُ عالِيَها سافِلَها في زمن من الأزمانِ الغابرةِ ؟! و ما الفرقُ بين أن يُهلِكَ الله الظالمين القدماءَ بحجارةٍ من سجيلٍ منضودٍ و بين أن يُهلِك الظالمين المعاصرين بفيروس غير منظور أو أي بلاءً.

و هذا و باللَّه التوفيق و اللَّه أعلم 🌼🌺

و كل عام و أنتُم بخير 🌼 

صلوا على رسول اللّٰه 🌼

الرجاء دعمكم لمدونتى الشخصيه بزيارة و متابعة و تعليق 

#بصمات_من_ياقوت_ومرجان 

 ‏ ‏زيارتكم تُسعدني و متابعتكم تجعلني في قمة السعاده 

جعلنا الله وإياكم أن شالله من أهل السعادة في الدارين

🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼

 







هناك 5 تعليقات:

غير معرف يقول...

المصريين بحمد الله صابرين على البلاء

غير معرف يقول...

أحسنت وبارك الله فيك

غير معرف يقول...

جزاك الله خيرا وبارك فيك أخي الكريم

غير معرف يقول...

*إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب*
جزاك الله عنا خير..تتطرق لمواضع أكثر رواجاً وتداولاً وحساسة..ما شاء الله عليك..زادكم الله علما وثقافةّ.
راضية بديني.

غير معرف يقول...

جزاك الله خيرا

كل ما تريد معرفته عن جروك Grok منافس ChatGPT

  جروك Grok سيحدث ثورة في عالم الذكاء الاصطناعي، حيث يتمتع بكثير من المميزات التي يفتقدها المنافسين له في نفس المجال وخاصة ChatGPT الذي يعت...