المتابعون

الاثنين، 12 يونيو 2023

justice _ العَدْل 2


 


الحمد لله ربِّ العالمين ، و الصلاة و السلام على سيِّدنا محمدٍ و آلِه ... وبعد ، 

السَّلامُ عليكم و رحمةُ اللَّه و بركاته.

نستكمل ما شرعنا فيه من موضوع سابق عن قيمة 👈 الـعَـدْل  👉 والعدالة.

و هناك كثيرًا مما قالَه سيدُ البلغاءِ و إمام الفصحاءِ النبي ﷺ في الترغيب في العدلِ و الترهيبِ من الـظُّـلْـمُ  ، ولكن تكفِي الإشارةُ إلى ندائة عليه الصلاةُ و السلامُ بضرورةِ العدلِ في الحكمِ في قوله الشريف : (( إذَا حَكَمتُم فاعدِلُوا )) -جزء من حديث أخرجة الطَّبرانيُّ في (( المعجم الأوسط )) من حديث أَنَس بن مالك رضي اللّٰه عنه.

و أيضًا في المساواة بين الأبناء والبنات في المعاملة في قوله ﷺ : (( فاتَّقُوا اللَّهَ واعدِلُوا بين أولادِكُم )) - جزء من حديث أخرجة البخاريُّ في صحيحه ( ٢٥٨٧ ) و مسلم في صحيحه.  ( ١٦٢٣ ) من حديث عمران بن بَشِير رضي اللّٰه عنه.

و في وصاياه بالزهدِ في طلبِ الإمارةِ خوفَ فواتِ العدلِ ؛ فعن عوفِ بنِ مالكٍ رضي اللّٰه عنه ، قال : قالَ رسولُ اللّٰه ﷺ : (( إِنَّ شئتُم أنبأتُكم عنِ الإمارةِ و ما هِي ؟ )) قال عوفٌ : فناديتُ بأعلى صوتي ثلاثَ مراتٍ : و ما هي يا رسولَ اللَّه ؟ قال عليه السلامُ : (( أوَّلها ملامةٌ ، و ثانيها ندامةٌ ، و ثالثُها عذابٌ يومَ القيامةِ ، إلَّا مَن عَدَل )) .. ثم قالَ : (( و كيف يعدِلُ مع قرابتِه ؟! ))

أخرجه البزَّار في مسندة ( ٢٧٥٦ ) ، و الطَّبرانيُّ في المعجم الكبير ( ١٣٢/٧١/١٨ ) و في المعجم الأوسط ( ٦٧٤٧ ) من حديث عَوف ابن مالك الأشجعيِّ رضي اللّٰه عنه.

و لا يذهبنَّ بنا الظنُّ أن الإمارةَ هي إمارةُ الدولِ و البلادِ فقط ، بل هي الإمارةُ بأوسعِ معانِيها ، و التي تنطبقُ على كل مسؤولٍ صغيرٍ أو كبيرٍ ، فإنه أميرٌ فيها أسندَ إليه من وظائفَ و أعمالِ .

يدلُّنا على ذلكَ قولُه ﷺ : (( ما مِنْ رجلٍ يلي أمرَ عشَرةٍ فما فوقَ ذلكَ إلا أتى اللَّهَ عزَّ وجلَّ مَغلولًا يومَ القيامةِ : يدُه إلى عُنُقِه .. فكَّه بِرُّه ، أو أَوْبَقَه إثْمُه )) ، ثمَّ قالَ : (( أوَّلها ملامةٌ ، و أوسطُها ندامَةٌ و آخرُها خزيٌ يومَ القيامةِ )) أخرجة أحمد في مسنده ( ٢٢٣٠٠ ) و الطَّبرانيُّ في المعجم الكبير ( ٧٧٢٠ ؛ ٧٧٢٤ ) من حديث أبي أُمامة رضي اللّٰه عنه.

و نستنبطُ من هذا الحديث أنَّ الإمارةَ و الولايةَ تثبُتُ لأي مسؤولٍ يترأسُ في عملِه عشرةً فما فوقَ ، و أنه مطالَبٌ بإقامة العدلِ ببنهم بأشدَّ مما يُطلبُ من كبارِ الولاةِ ؛ و ذلك لسهولةِ تَطبيقِ العدلِ في العدد القليل ، كما يُستنبطُ من الحديثِ الشريفِ التنفيرُ الشديدُ من طلبِ الولايةِ لما تشتملُ عليه من تَبعاتٍ يسهُلُ معَها الوقوع في مظالم العبادِ ، و إهانتُهم و الإساءةُ إليهم ، و بخاصَّةٍ إذا كان الموظفُ أو المسؤولُ غيرَ مؤهَّلٍ لإدارةِ ما أُسند إليه من وظائفَ و مسؤولياتٍ.

و في الحديث تحذيرٌ _ وأيُّ تحذير_ لهؤلاء الذينَ يُرهقونَ أنفسَهم ، و قد يُريقونَ ماءَ وجوههم ، من أجلِ الظَّفرِ بكرسيِّ لا يَعلمُ سَلَفًا هل يستطيعُ أن يَنشرَ من فوقه العدلَ و الرحمةَ و الرفقَ بالعبادِ ، أو أنَّ شيئًا من هذه المظالمِ لا يخطُرُ له على بالٍ.

و مما تجب مراعاته شرعًا ؛ هو : أن الأحاديث الواردة في باب العدل و المساواة تشير إلى أن مهمة القيام بالعدل ليست بالأمر الميسور عادةً ، و بخاصةٍ في المواقف الدقيقة التي يجد الإنسان فيها نفسَه مدفوعًا بغريزته إلى التَّحيُّز و الميل مع الهوى و الغرض.

و لا يعني ذلك أن هذه الأحاديث الشريفة تنفَّر النَّاسَ من تقبُّل و ظائِفِ الولايةِ و العَدلِ ، فمِثلُ هذا الفَهمِ لا تَعرِفُه شريعةُ الإسلامِ التي تركَت لنا مئات المجلدات في فقه القضاءِ و الإمامةِ و السِّياسةِ الشَّرعيةِ ، و كلُّ ما هنالك هو أنَّ هذه الأحاديثَ حين تُنفِّر من طلبِ الإمارةِ ، فليس لأنَّ الإمارةَ في حدِّ ذاتها مطلبٌ سيِّئٌ يجب الفرار منه ، و لكن لعِظَم مسؤولية مَن يتولاها و خَطرِها في حياةِ النَّاسِ وجبَ أن يُدَقَّق النَّظر في اختياره ، و ألا يُفتح البابُ أمامها لكل من هبَّ و دبَّ ، فهذه الأحاديث إنما تطلُب التدقيقَ الواجب في هذه الوظائفِ الخطيرةِ لحمايةِ الناس ، و حفظِ حقوقِهم ، و صَونِ كرامتِهم ، و كلُّها مقاصِدُ عُليا من مقاصِد القُرآن الكريم و السُّنَّةِ المشرَّفةِ.

و في هذا السِّياقِ نفسِه يجِبُ أن نفهمَ ما وردَ من قوله ﷺ : (( القُضاةُ ثلاتةٌ : اثنانِ في النَّارِ ، وواحدٌ في الجنَّةِ )) و أيضًا و صفُه للإمام العادل بأنه أول مَن يستظلُّ بظلِّ اللَّه تعالى يوم القيامة ، و أنه ممن لا تُرَدُّ له دعوة . 

إلى آخر ما ورد في هذا الباب.

و خير ما أختمُ به موضوع اليوم هو دعاؤُه ﷺ الذي يبرهِنُ فيه على حنانِه و أبوَّتِه و رحمته بأمتِه النبيُّ ﷺ : طائعِهم و عاصِيهم ، برَّهم و فاجرِِهم ، تقيِّهم و فاسقِهم ، قالَ عليه الصَّلاةُ و السلامُ : (( اللَّهُمَّ مَن وَلِيَ مِن أََمْرِ أُمَّتي شيئًا فَشَقَّ عليهم فَاشْقُقْ عليه ، وَمَن وَلِيَ مِن أَمْرِ أُمَّتي شيئًا فَرَفَقَ بهِمْ فَارْفُقْ بهِ )) أخرجه مسلم في صحيحه ( ١٨٢٨ ) من حديث أمِّ المؤمنين عائشة رضي اللّٰه عنها .

 - صلَّى اللَّهُ وسلَّم وباركَ عليكَ : 

 يـا رحـيـمًـا بـالـمـؤمـنـيـن إذا مـا

 ‏                                  ذَهِـلـت عـن أبـنـائـهـا الـرحـمــاءُ

 ‏يـا شـفـيـعًـا فـي الـمـذنـبـيـن إذا مـا

                                 ‏أشـفـق مـن خـوف ذنـبـه الـبـرآءُ.

و هذا و اللّٰه أعلم 🌼🌼

إلى أن ألقاكم أن شالله في يومي الإثنين و الجمعة من كل أسبوع على مدونتي الشخصية 

‏#بصمات_من_ياقوت_ومرجان

  ‏صلوا على رسول اللّٰه 🌼

  ‏ ‏زيارتكم تُسعدني و متابعتكم تجعلني في قمة السعاده 

جعلنا الله وإياكم أن شالله من أهل السعادة في الدارين

🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼

                     ‏


هناك 3 تعليقات:

غير معرف يقول...

احسنت اخي الفاضل

zizo يقول...

احسنت

غير معرف يقول...

رائع دائماً جزاكم الله خير
راضية بديني.

تشغيل الأطفال بين الإفراط و التفريط - Children's work

  الحمد لله ربِّ العالمين ، و الصلاة و السلام على سيِّدنا محمدٍ و آلِه ... وبعد ،  السَّلامُ عليكم و رحمةُ اللَّه و بركاته. أن الأصل في مرحل...