المتابعون

الخميس، 16 فبراير 2023

سلطان العلماء ..


 

من هو سلطان العلماء ؟ 

هو العز بن عبد السلام ، صاحب البراهين الساطعة و المواقف الجريئة ، عاش حياته مجاهدًا يجابه السلاطين في سبيل إعلاء كلمة الحق ، لا يقبل عدولاً عن الصواب و لا ميلاً عن الإنصاف ، لا يتعلق بمال و لا جاه و لا يخشى في اللّٰه لومة لائم أتى مصر ضيفًا عزيزًا ففتحت له أبوابها و ضمته لرحاب علمائها ، وصارت له و طنًا ، العز بن عبدالسلام اسم يتلألا في سماء العلم و نموذج مشرف لعابد يخشى اللّٰه ، و سياسي بارع و عالم مستنير من أعظم شيوخ عصره.

و لد أبو محمد عز الدين عبد العزيز بن عبدالسلام بن أبي القاسم السلمي المعروف بالعز في دمشق ( ١١٨١ ) ميلادية ، نشأ في أسرة متواضعة ، و لم يتلق العلم صغيرًا و إنما بدأ في تحصيله في سن متأخرة ، ففاق أقرانه و أتقن أصول الفقه و التفسير و علوم القرآن و تلقى علم الحديث و اللغة و الأدب و النحو و البلاغة .

اتجه العز إلى التدريس و إلقاء الدروس في مساجد دمشق ، و صار خطيبًا للجامع الأموي ، فذاع صتيه و طبقت شهرته الآفاق ، و قصده طلبه العلم من كل حدب و صوب.

عاش العز بن عبدالسلام على إعلاء كلمة الحق و نشر العدل ، كان قوي النفس و العزيمة ، تميز بجرأته ، الشديدة ، و قد شب خلاف كبير بينه و بين حاكم دمشق الملك ( الصالح إسماعيل ) الذي سمح للصليبيين بشراء أسلحة من تجار دمشق ، فاستفتى الناس العز بن عبد السلام ، فأفتى بتحريم بيع السلاح للفرنج الصليبيين الذين كانوا لا يزالون يحتلون أجزاء من بلاد الشام ؛ كان لهذه الفتوى أثر كبير في نفوس الناس فسخط عليه ( الصالح إسماعيل ) على العز بن عبد السلام و قام بعزله عن الخطابة و الإفتاء و حبسه ، و غضب الناس غضبًا شديدًا فرضخ الصالح إسماعيل لمطالبهم و أطلق سراح العز بن عبدالسلام ؛ و لكنه أمره بعدم مغادرة منزله.

سئم العز من العزلة التي فرضت عليه ، فقرر الرحيل إلى مصر ، فأرسل إليه السلطان رسلاً لملاطفته و العودة به ، و قالوا له (( بينك وبين أن تعود إلى منصبك و ما كنت عليه وزيادة أن تنكسر للسلطان و تقبل يده لا غير )) فرد العز بإباء قائلاً (( و اللّٰه يا مسكين ، ما أرضاه يقبل يدي ، فضلاً عن أن أقبل يده ، يا قوم أنتم في وادٍ و أنا في واد ، و الحمد للّٰه الذي عافانا مما ابتلاكم )).

سبقت شهرة العز بن عبدالسلام العلمية و الدينية و صوله إلى القاهرة ( ١٢٤١ ) م ، و كان يوم مجيئه يومًا مشهودًا فاستقبله الملك ( الصالح نجم الدين أيوب ) بما يليق به من الإكرام و التبجيل ، و أسكنه دارًا فسيحة بها حديقة غناء ، وولاه الخطابة في جامع عمرو بن العاص و عينه في منصب قاضي القضاة و عهد إليه بالتدريس في المدرسة الصالحية حيث التف حوله الناس ليتلقوا من علمه و يستمعوا لخطبه ؛ لأنه كان خطيبًا بارعًا يملك أفئدة السامعين بصوته المؤثر و كلامه المتدفق و إخلاصه العميق.

كان للعز بن عبدالسلام بصمة مؤثرة في الحياة السياسية و الاجتماعية في مصر ، و ما إن تولى منصب قاضي القضاة حتى رأى أن أمراء الدولة من المماليك يتصرفون تصرفات الأحرار من بيع و شراء و نكاح و هذا تصرف باطل شرعًا لأن المملوك لا ينفذ تصرفه ؛ عطل العز بن عبدالسلام هذه التصرفات و قرر بيع المماليك و من جملتهم نائب السلطنة ليحصلوا على العتق بطريقة شرعية ، فعظم عندهم الأمر واحتدم الصراع ، و العز بن عبدالسلام مصمم على رأيه لا يحلل لهم بيعًا و لا شراء و لا نكاحًا ، و تعطلت مصالحهم فاجتمعوا و أرسلوا إليه ، فقال (( نعقد لكم مجلسًا ، و ننادي عليكم لبيت مال المسلمين )) ، فرفعوا الأمر إلى السلطان ، فبعث إليه ، فلم يرجع ، فجرت من السلطان كلمة فيها غلظة أنكر فيها على الشيخ خوضه في هذا الأمر ، فما كان من العز إلا أن حمل حوائجه على حمار و أركب عائلته على حمار آخر ومشى خلفهم قاصدًا الشام ، و خرج الناس خلفه و لما علم السلطان لحق به و استرضاه ، فرجع بعد أن اتفق معه على أن يبيع الأمراء.

و أرسل إليه نائب السلطان بالملاطفة فلم يفد فيه ، فانزعج النائب ، و قال :( كيف ينادي علينا هذا الشيخ فيبيعنا و نحن ملوك الأرض ؟ و اللّٰه لأضربنه بسيفي هذا ) ، فركب بنفسه في جماعته ، وجاء إلى الشيخ و السيف مسلول في يده ، فطرق الباب فخرج ولد الشيخ ، فرأى من نائب السلطنة ما رأى ، فعاد إلى أبيه وشرح له الحال ، فما اكترث لذلك و لا تغير ، و قال : (( يا ولدي أبوك أقل من أن يقتل في سبيل اللّٰه )) ثم خرج ، فحين و قع بصره على نائب السلطنة يبست يد النائب و سقط السيف منها ، وارتعدت مفاصله ، فبكى و سأل الشيخ أن يدعو له ، و قال : ( يا سيدي خبر إيش تعمل ؟ ) قال : 

(( أنادي عليكم وأبيعكم )) ، قال : ( ففيم تصرف ثمننا ؟ ) قال : (( في مصالح المسلمين )) ، قال : ( من يقبضه ؟ ) قال : 

(( أنا )) .

فتم له ما أراد ونادى على الأمراء واحدًا واحدًا ، و غالى في ثمنهم و لم يبعهم إلا بالثمن الوافي و قبضه و صرفه في وجوه الخير ، و هذا موقف عظيم خلد ذكراه و لم يسمع بمثله أبدًا ، و بعد فترة فضل العز بن عبدالسلام أن يعزل نفسه عن منصب القضاء.

و أكتفى بهذا القدر عن العز بن عبدالسلام سلطان العلماء ، و سوف اكمل لكم مؤازرة العز بن عبدالسلام للمصرين تحسبًا لهجوم التتار بعد أن اجتاحوا العالم إلاسلامي وأرسلوا رسلًا إلى القاهرة.

و هذا و اللّٰه أعلم 

لو قرأت المقال و نال رضاكم ارجو دعمكم لمدونه 

#بصمات_من_ياقوت_ومرجان 

صلوا على رسول اللّٰه ﷺ 🌺🌺🌺

زيارتكم تُسعدني و متابعتكم تجعلني في قمة السعاده 

جعلنا الله وإياكم أن شالله من أهل السعادة في الدارين

🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼

 ‏


هناك 12 تعليقًا:

غير معرف يقول...

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين

غير معرف يقول...

اللهم أعد علينا أمثال هؤلاء العلماء المجاهدين الذين لايخافون في الله لومة لائم.
إنه إبن بلدي وأفتخر.
جزاكم الله كل خير.
راضية بديني.

غير معرف يقول...

رحمه الله عليه

غير معرف يقول...

رحم الله الشيخ العز ابن عبد السلام . واللهم انصرنا على تتار العصر

غير معرف يقول...

جزاكم الله خيرا

غير معرف يقول...

جزاك الله خيرا

غير معرف يقول...

جزاك الله خيرا

لميس يقول...

احسنت

غير معرف يقول...

جزاك الله خير

غير معرف يقول...

جزاك الله خيرا على نشر هذا العلم وهذه المعلومات ، ورحم الله الشيخ الجليل العزبن عبدالسلام

غير معرف يقول...

جزاك الله خيرا

غير معرف يقول...

نور الله دربك 🌱وجزاك الله خير على كل ما نشرت من علم ومعرفه 🌱🌱🌱🌱

تشغيل الأطفال بين الإفراط و التفريط - Children's work

  الحمد لله ربِّ العالمين ، و الصلاة و السلام على سيِّدنا محمدٍ و آلِه ... وبعد ،  السَّلامُ عليكم و رحمةُ اللَّه و بركاته. أن الأصل في مرحل...