المتابعون

الجمعة، 15 ديسمبر 2023

سيناء و الفكر الصهيوني Sinai and Zionist thought


الحمد لله ربِّ العالمين ، و الصلاة و السلام على سيِّدنا محمدٍ و آلِه ... وبعد ، 

السَّلامُ عليكم و رحمةُ اللَّه و بركاته.

كانت و ما زالت شبه جزيرة سيناء تمثل جزءًا أصيلًا من الفكر و الأيديولوجية الدينية اليهودية ، و ما أن لبثت حتى أصبحت قاعدة أساسية من قواعد الفكر الصهيوني الذي على أساسة قامت الحركة الصهيونية التي عقدت مؤتمرها الأول في مدينة بازل السويسرية عام _ ۱۸۹۷_ م ، و دعت خلاله في بداية الأمر إلى إقامة وطن قومي لليهود على أرض سيناء ، باعتبارها الأرض التي شهدت أهم مراحل التاريخ اليهودي. 

تذكر المصادر أن اليهود الصهاينة سعوا قبل استيطانهم الاحتلالي لأرض فلسطين إلى إقامة وطن لهم في شبه _جزيرة سيناء_ ، فيما عُرف بمشروع( العريش ) ، و كان مشروعًا محببًا إلى مؤسس الحركة الصهيونية« تيودور هرتزل » ، الذي كان يرى أن نجاح مشروع العريش يعتمد على دعم وزارة المستعمرات البريطانية ، و يعتمد كذلك على إمدادات مائية من- نهر النيل- ، سعى هرتزل لوضع هذا المشروع تحت حماية البريطانيين و رعايتهم على أنه مشروع استيطاني مستقل مستغلًا وجود : ( اللورد كرومر ) حاكم مصر العسكري الفعلي آنذاك.

و في ذلك الوقت و بـالفعل زارت سيناء عام ( ۱۹۰۲ ) م ، لجنة صهيونية عالية المستوى تضم خبراء في الاستيطان و بعض المهندسين ، ثم أجرت مفاوضات مع المسئولين في لندن ،و  مع -اللورد كرومر -في مصر ، وانتعشت آمال الصهاينة من النتائج الإيجابية التي توصلت إليها تلك اللجنة ، و لكن هذه المفاوضات لم تصل في نهاية الأمر إلى غايتها المنشودة التي أردها الكيان الصهيوني ، برفض الحكومة المصرية تقديم الإمدادات المائية من نهر النيل لشعور اللورد كرومر بأن المشروع قد يؤدي إلى خلق متاعب سياسية لبريطانيا العظمى في مصر و الإمبراطورية العثمانية في فلسطين *(1).

و شكلت سيناء بما شهدته من تطورات خلال العقد الأول من الألفية الجديدة ، ركيزة أساسية في تفكير النخبة الأمنية و السياسية في -الكيان الصهيوني- تبعه التناول البحثي

المُنْصَب على تعظيم الخطر القادم من سيناء على حد وصف العديد من القادة والباحثين -خاصة- ذوي الخلفية الأمنية و العسكرية منهم ؛ تزامن ذلك مع اهتمام أمني صهيوني بسيناء انتقل من مرحلة تسليط الضوء على المشكلة إلى مرحلة وجوب التصرف و العمل ، و قد عبّر عنه في حينه العقيد احتياط بالجيش الصهيوني ، ( يعقوب عميدرور )

بقوله : « إن السلطات المصرية تعلم أن سيناء يتواجد فيها عناصر من تنظيمات الجهاد العالمي تستغل وعورة المنطقة و تعمل على نشر الفكر -الراديكالي- المتطرف و سط البدو ، و على الرغم من التحركات التي تقوم بها مصر ، فإن قدرتهم على إحراز شيء يذكر تظل محدودة ، و هذا الأمر يدفع الكيان الصهيوني كي تدرك جيدًا- أنها تقع ضمن خريطة أهداف الجهاد العالمي ، و لهذا فإنه يجب أن نتساءل هل قمنا بالاستعداد لذلك ؟ خاصة أن هذه الأمور وغيرها تلزم الكيان الصهيوني الآن بالبحث عن السبل الكفيلة للتقليل من حدة هذه المخاطر و تخفيف أضرارها» *(2) .

كعادته عمل الكيان الصهيوني على تعظيم الخطر الأمنى الذي تشهده سيناء ، لا سيما في _الشطر الشمالي_ منها ، وروجت بآلتها الإعلامية المغرضة لوجود تنظيمات إرهابية تفرض سيطرتها عليها ، و الذي تبين فيما بعد ، أن تلك الفرية -الصهيونية - كان هدفها تفريغ سيناء من سكانها ، بدافع الترويع و الترهيب ، تمهيدًا لتنفيذ المخطط الصهيوني الأكبر، وهو ترحيل أكثر من مليوني فلسطيني من قطاع

غزة ، و توطينهم بها ، استغلالًا للفضاء السكاني في شمال سيناء و البالغ عدد سكانه نحو ( ٤٥٠ ) ألف نسمة ، و بالتالي لن تكون هناك مشكلة سكانية لتوطين الفلسطينيين بها خاصة و ان مساحتها تبلغ ٢٧ ألف كيلو متر ، هذا المخطط بعيد المدى ؛ و جندت( تل أبيب ) من أجله نخبة من الخبراء الصهيونيين الذين سخروا أقلامهم قبيل ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ م لطرح التصورات بشأن ما هو قادم في سيناء ، و كانت

تحمل كتاباتهم بين ثناياها ملامح استزراع الفكر الجهادي الداعشي المتطرف في سيناء تحت رعاية صهيونية ، و من أبرز الكتابات الصهيونية في هذا الصدد ، التقرير الذي نشرة ( يوني بن مناحم ) ، المحلل السياسي و الخبير في شئون الشرق الأوسط ، عن تطورات الأوضاع في سيناء و الرؤية الصهيونية الخاصة لهذه التطورات و إمكانات التعامل الصهيوني مع التغيرات التي تشهدها مصر ، و خلص فيه إلى تحذير صانع القرار الصهيوني من هشاشة السلام مع مصر و تحول سيناء بوتيرة متسارعة إلى مركز لعدم الاستقرار ، و نقطة انطلاق للإرهاب الجهادي ، و مصدر للتوتر بين مصر و الكيان الصهيوني كما في المقال *(3).

و الان بعد مرور عقد  على ٢٥ ثورة يناير بات جليًّا وضوح ملامح الطمع الصهيوني في شبة جزيرة سيناء ، و أفكار و مخططات التهجير القسري للفلسطينيين ، ولكن جاء العدوان الغاشم الأخير على قطاع غزة الذي و صف بحرب الإبادة ، إنها أسقطت ورقة التوت التي كانت تتخفي وراءها الحكومات الصهيونيه المتعاقبة لإيجاد حل لمشكلة غزة ، و التي تعد في فكرهم قنبلة شديدة الانفجار و سوف تنفجر في وجه هذا الكيان الصهيوني من حين لآخر.

و هذا و باللَّهِ التَّوفيقُ ؛؛ و اللَّه أعلم 🌼🌼🌺🌺

إلى أن ألقاكم بإذن الله على مدونتي الشخصية 

  ‏#بصمات_من_ياقوت_ومرجان

  ‏صلوا على رسول اللّٰه 🌼

  ‏ ‏زيارتكم تُسعدني و متابعتكم تجعلني في قمة السعاده 

جعلنا الله وإياكم أن شالله من أهل السعادة في الدارين

🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼

مراجع __________________________________


*(1) الصهيونية الدراسة و التطبيق : يوثيل رفيل ، تحقيق نور البواطلة ، دار الجليل ، ٢٠٠٠ م ، صفحة -٤٣.

*(٢) مقال بعنوان ( المفتاح في يد مصر ) ، الكاتب يؤاف ليمور ، صحيفة (( اسرائيل هيوم )) و عدد بتاريخ ٧/٣/٢٠١٠ .

*(٣) مقال بعنوان (( شبه جزيرة سيناء قاعدة جديدة للإرهاب ضد مصر)) للكاتب يوني بن مناحيم ، موقع إكسبرت.



 

هناك 7 تعليقات:

ابو عمرو يقول...

تحياتي أولا وكل التقدير لمجهودك العظيم وربنا يتقبل منك سعيك للعلم ونشره..
هذا موضوع حياة أو موت لمصر
حضرتك وصلت لهذه المعلومات بمجهود شخصى مشكور
السؤال: هل دولتنا الموقرة وصلت لهذا ؟اکيد وصلت وأكتر ولكن ماذا فعلت ؟ لقد كرهوا الشعب فى البلد وزرعوا روح التراخى واللامبالاة والخوف وعدم حب الجهاد والكفاح .. ربنا يسترها ويحفظ بلادنا من كل سوء ومكروه

غير معرف يقول...

جميل احسنت سلمت أناملك

غير معرف يقول...

تسلم ايدك يا أستاذ
موضوع رائع

غير معرف يقول...

حفظ الله بلادي سيناء وحفظ الله بيت المقدس وغزة هاشم وفلسطين وجميع بلاد المسلمين من الاطماع الصهيونيه النازيه

سيناوي مر من هنا

غير معرف يقول...

وانفجرت في وجوههم فعلاً..وسيرون الويلات من المسلمين الأحرار ان شاء الله لأن غزة فتحت الطريق وأظهرت حقيقة الجيش الذي لايقهر...جيش الحفاظات التي يرتديها ليتغوط فيها عندما يشتد عليه الفزع..أما سيناء فمصر قدّها ولها..ستصحو مصر من نومها وستشتد على الخونة والصهاينة إن شاء الله.
"راضية بديني"

غير معرف يقول...

موضوع رائع ومجهود كبير جداً بارك الله فيك

غير معرف يقول...

يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين

كل ما تريد معرفته عن جروك Grok منافس ChatGPT

  جروك Grok سيحدث ثورة في عالم الذكاء الاصطناعي، حيث يتمتع بكثير من المميزات التي يفتقدها المنافسين له في نفس المجال وخاصة ChatGPT الذي يعت...