ليس معنى تقديس المسجد الأقصى أن ننظر إليه كبقعة من الأرض فقط ، أو مجموعة من الطوب و الحجارة و الأخشاب ، و لكننا يجب أن ننظر إليه فوق ذلك على أنه باقة من المعاني القدسية : عقيدة حق ، موطن عبادة ، حبل أخوة ، أمجاد تاريخ ، مراحل جهاد و نضال عبر القرون و العصور ، فإن كل هذه المعاني يقوم بناء المسجد الأقصى عنوانًا عليها و رمزًا إليها ، فالمسجد الأقصى أرض النبوات ، و مهبط الرسالات ، و إليه كان الإسراء بالنبي ﷺ ، و فيه صلى إمامًا بالأنبياء عليهم السلام.
فكان ذلك تأكيدًا لعهد اللّٰه الذي أخذه على جميع الأنبياء و المرسلين ؛ آدم فمن دونه لئن بعث محمد و هم أحياء ليؤمنن به و لينصرنه ، و حثهم أن يأمروا أقوامهم بهذا ، و سجل اللّٰه ذلك في الكتاب العزيز حيث قال :
{ وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ ٱلنَّبِيِّـينَ لَمَآ ءَاتَيْتُكُم مِّن كِتَٰبٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِۦ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ ءَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِى قَالُوٓا۟ أَقْرَرْنَا قَالَ فَٱشْهَدُوا۟ وَأَنَا۠ مَعَكُم مِّنَ ٱلشَّٰهِدِينَ }{ آل عمران : ٨١ }
كما أن في الإسراء إلى المسجد الأقصى إشارة إلى أن محمدًا ﷺ هو الوارث لجميع النبوات ، و أنه و من سار بسيرته من بعده أحق الناس برعاية و حماية و تقديس كل ما قدَّسه الأنبياء السابقون ، و قال تعالى { قُلْ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ عَلَىٰٓ إِبْرَٰهِيمَ وَإِسْمَٰعِيلَ وَإِسْحَٰقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلْأَسْبَاطِ وَمَآ أُوتِىَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُۥ مُسْلِمُونَ }
{ آل عمران : ٨٤ }
كذلك كان استقبال بيت المقدس في الصلاة أول الأمر ؛ تقريرًا لهذا المعنى ، و تأكيدًا له ، حتى إن الأمر بتحويل القبله إلى الكعبة نزل على النبي ﷺ و علمه الناس و هم في صلاة رباعية صلوا منها ركعتين مستقبلين المسجد الأقصى ، فأتموها بركعتين مستقبلين البيت الحرام ؛ لتظل هذه الصلاة عنوانًا للأجيال على الرباط الوثيق بين المسجدين.
و قد أدرك المسلمون ذلك ؛ فسموا المسجد الذي أديت فيه تلك الصلاة مسجد القبلتين ، و لا يزال هذا المسجد إلى اليوم شاهدًا على هذا المعني الكبير و يقصده من زار المدنية المنورة ، لمعانية بعض الآثار الإسلامية.
و مع ذلك فـ المسجد الأقصى عنوان يذكرنا بعقيدتنا في اليوم الآخر و ما فيه ، فهو الأرض التي يحشر اللّٰه الناس جميعًا إليها في يوم القيامة ؛ فقد جاء في الحديث النبوي الشريف : أَنَّ مَيْمُونَةَ ، مَوْلَاةَ النَّبِيَّ صَلَّى اللّٰه عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ قَالَتْ : يَا نَبِيَّ اللّٰهِ أَفْتِنَا فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ ؛ فَقَالَ « أَرْضُ الْمَنْشَرِ ، وَ الْمَحْشَر ، ائْتُوهُ فَصَلُّوا فِيهِ فَإِنَّ صَلَاةً فِيهِ كَأَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ » _ أخرجه أحمد في مسنده.
و هذا و اللّٰه أعلم 🌼🌼
إلى أن ألقاكم مع الجزء الثاني للموضوع
على مدونتي الشخصية
أرجوكم دعم مدونتي
بصمات من ياقوت ومرجان
زيارتكم تسعدوني و متابعتكم تجعلني في قمة السعاده
جعلنا الله وإياكم أن شالله من أهل السعادة في الدارين
🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼
هناك تعليقان (2):
عليه افضل الصلاة والسلام
احسنت النشر
أحسنت 🙏💐
إرسال تعليق