كان عمر بن الخطاب من أشد الناس على الرسول ﷺ و المؤمنين.. و قد مَـنَّ اللّٰه عليه بالإسلام ببركة دعاء رسول اللّٰه ﷺ ، أخرج الحكام _ و صححه عن نافع عن ابن عمر عن ابن عباس رفعه : ⟨ اللهُمَّ أيِّد الدِّينَ بعُمَرَ بنِ الخَطَّاب ⟩
وروى ابن سعد _ و البيهقي _ عن ابن عمر رفعه بلفظ : ⟨ اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب ⟩ صححه ابن حبهان. و جاء في الدر : أن الحديث اشتهر على الألسنة بلفظ أحب العمرين ، و لا أصل له في شيء من طرق الحديث بعد الفصح البالغ .
و لعله ﷺ أفرد عمر مرة بالدعاء و جمعه مع أبي جهل فيه مرة أخرى ، أو دعا بالثاني أو لًا ثم أوحي إليه أن أبا جهل لن يسلم فأفرد عمر ، و كان إسلامه عقب الهجرة الأولى إلى الحبشة كما قاله بن إسحاق ، و ذكر ابن سعيد _ عن ابن المسيب أنه كان في ذي الحجة سنة ست من المبعث ، و حكي ابن الجوزي في بعض كتبه الاتفاق عليه.
و كان إسلامه بعد إسلام حمزة بثلاثة أيام ، و قد تقدم أنه كان سنة ست أيضًا ، وروى أبونعيم _ عن ابن عباس قال : سألت عمر إسلامه قال : خرجت بعد إسلام حمزة بثلاثة أيام ، و ذكر القصة ، و هو فيها يتفق مع _ ابن سعد . أما على قول ابن إسحاق السابق فلا يكون في السادسة ؛ لأن الهجرة إلى الحبشة كانت في الخامسة و إسلام حمزة كان في السادسة.
و كان عدد المسلمين وقت إسلامه بضعة و أربعين رجلًا و إحدي عشرة امرأة كما ذكره _ السهيلي. و جاء في
_فتح الباري_ في مناقب عمر من رواية ابن أبي خيثمة عن عمر : لقد رأيتني و ما أسلم مع رسول اللّٰه ﷺ إلا تسعة و ثلاثون فكملتهم أربعين ، فأظهر اللّٰه دينه و أعز الإسلام ؛ و هذا محمول على أن عمر لم يطَّلِعْ على الزائد؛ لأن غالب من أسلم كان يخفيه خوفًا من المشركين ، و كان عمر في شركه شديدًا على المسلمين ، فلذا لم يعلم بباقيهم ، و لما أسلم عمر أنزل اللّٰه تعالى:
{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ }
{ الأنفال: ٦٤}_ رواه البزار _ مسند البزار.
و سبب إسلامه كما رأوه أسامة بن زيد عن أبيه عن جده : أسلم مولى عمر بن الخطاب _ رضي اللّٰه عنه _ :قال لنا عمر : أتحبون أن أعلمكم كيف كان بدء إسلامى ؟ قلنا نعم : قال كنت من أشد الناس على رسول اللّٰه ﷺ .فبينما أنا في يوم شديد الحر بالهاجرة في بعض طرق المدينة إذ لقيني رجل من قريش و هو _ عبداللّٰه النحام _ قال أين تذهب ؟ إنك تزعم أنك هكذا ، و قد دخل عليك هذا الأمر في بيتك قلت : و ما ذاك ؟ قال : أختك _ فاطمة ؛ و كانت تلقب بأم جميل_ صبأت ، فرجعتُ مغضبًا إلى أن قال : و قد ضم الرسول ﷺ إلى زوج أختي رجلين ، فئجت فقرعت الباب . فقيل مَن ؟ قلت : ابن الخطاب ، و كان القوم جلوسًا يقرءون صحيفة معهم فلما سمعوا صوتي تبادروا و اختفوا ، و قال نسوا الصحيفة من أيديهم . فقامت المرأة ففتحت لي فدخلت عليها فقلت : يا عدوة نفسها قد بلغني أنك صبوت ، ثم ضربتها فسأل الدم . فلما رأت الدم بكت ، و قالت : يا بن الخطاب ما كنت فاعلًا فافعل ، فقد أسلمت . قال فدخلت و أنا مغضب فإذا كتاب في ناحية البيت . فقلت : ما هذا الكتاب ؟ أَعْطِينيه ، فقالت : لا أعطيكه ، لستَ من أهله ، أنت لا تغتسل من الجنابه و لا تطهر ، و لا يمسه إلا المطهرون ، قال فلم أزل بها حتي أعطتنيه .
وذكر في _صفة_الصفوة_ قال : أعطوني هذا الكتاب ، و كان عمر يقرأ الكتب قالت أختة :لا أفعل ، قلت : و يحك وقع في قلبي مما قلت فأعطينيها ( اي الصحيفة)؛ أنظر إليها و أعطيكِ من المواثيق أن لا أخونكِ حتى تحوزيها حيث شئت ، قالت : إنك رجس فانطلق فاغتسل أو توضأ فإنه كتاب لا يمسه إلا المطهرون ، فخرج ليغتسل فخرج خباب ( و كان خباب أحد الرجلين و كان يقرئهما القرآن ) فقال : أتدفعين كتاب اللّٰه إلى كافر ، قالت : نعم . إني أرجو أن يهدي اللّٰه أخي ، فدخل خباب البيت و جاء عمر فدفعته إليه .
قال أسلم يـروي عن عمر : فإذا فيه ( أي في الكتاب ) : بسم اللّٰه الرحمن الرحيم ، فلما مررت بالرحمن الرحيم ذعرت .. زاد في رواية _ البزار_ فجعلت أفكر من أي شيء اشتق ؟ ( فإنهم لا يعلمون في الجاهلية أن الرحمن الرحيم من أسماء اللّٰه تعالى.)
و رميت بالصحيفة من يدي ، ثم رجعت إلىَّ_ نفسي _ ( أي _ فأخذت الصحيفة ) فإذا فيها :
{ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}
{ الحديد: ١}
فكلما مررت باسم من أسماء اللّٰه ذعرت ثم ترجع إلىَّ نفسي حتي بلغت : { ءَامِنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَأَنفِقُوا۟ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ } إلى قوله تعالى :
{ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } {الحديد:٧،٨} فقلت : أشهد أن لا إله إلا اللّٰه و أن محمدًا رسول اللّٰه.
ونكمل في المرة القادمة #اسلام_عمر أن شالله
حتي لا تمل عزيزي القارئ من طول الموضوع.
و نكمل هجرة الرسول ﷺ
و هذا و الله أعلم 🌺
دعواتكم ب التوفيق يا اصدقاء بصمات من ياقوت ومرجان