السَّلامُ عليكم و رحمةُ اللَّه و بركاته.
كانت و ما زالت شبه جزيرة سيناء تمثل جزءًا أصيلًا من الفكر و الأيديولوجية الدينية اليهودية ، و ما أن لبثت حتى أصبحت قاعدة أساسية من قواعد الفكر الصهيوني الذي على أساسة قامت الحركة الصهيونية التي عقدت مؤتمرها الأول في مدينة بازل السويسرية عام _ ۱۸۹۷_ م ، و دعت خلاله في بداية الأمر إلى إقامة وطن قومي لليهود على أرض سيناء ، باعتبارها الأرض التي شهدت أهم مراحل التاريخ اليهودي.
تذكر المصادر أن اليهود الصهاينة سعوا قبل استيطانهم الاحتلالي لأرض فلسطين إلى إقامة وطن لهم في شبه _جزيرة سيناء_ ، فيما عُرف بمشروع( العريش ) ، و كان مشروعًا محببًا إلى مؤسس الحركة الصهيونية« تيودور هرتزل » ، الذي كان يرى أن نجاح مشروع العريش يعتمد على دعم وزارة المستعمرات البريطانية ، و يعتمد كذلك على إمدادات مائية من- نهر النيل- ، سعى هرتزل لوضع هذا المشروع تحت حماية البريطانيين و رعايتهم على أنه مشروع استيطاني مستقل مستغلًا وجود : ( اللورد كرومر ) حاكم مصر العسكري الفعلي آنذاك.
و في ذلك الوقت و بـالفعل زارت سيناء عام ( ۱۹۰۲ ) م ، لجنة صهيونية عالية المستوى تضم خبراء في الاستيطان و بعض المهندسين ، ثم أجرت مفاوضات مع المسئولين في لندن ،و مع -اللورد كرومر -في مصر ، وانتعشت آمال الصهاينة من النتائج الإيجابية التي توصلت إليها تلك اللجنة ، و لكن هذه المفاوضات لم تصل في نهاية الأمر إلى غايتها المنشودة التي أردها الكيان الصهيوني ، برفض الحكومة المصرية تقديم الإمدادات المائية من نهر النيل لشعور اللورد كرومر بأن المشروع قد يؤدي إلى خلق متاعب سياسية لبريطانيا العظمى في مصر و الإمبراطورية العثمانية في فلسطين *(1).
و شكلت سيناء بما شهدته من تطورات خلال العقد الأول من الألفية الجديدة ، ركيزة أساسية في تفكير النخبة الأمنية و السياسية في -الكيان الصهيوني- تبعه التناول البحثي
المُنْصَب على تعظيم الخطر القادم من سيناء على حد وصف العديد من القادة والباحثين -خاصة- ذوي الخلفية الأمنية و العسكرية منهم ؛ تزامن ذلك مع اهتمام أمني صهيوني بسيناء انتقل من مرحلة تسليط الضوء على المشكلة إلى مرحلة وجوب التصرف و العمل ، و قد عبّر عنه في حينه العقيد احتياط بالجيش الصهيوني ، ( يعقوب عميدرور )
بقوله : « إن السلطات المصرية تعلم أن سيناء يتواجد فيها عناصر من تنظيمات الجهاد العالمي تستغل وعورة المنطقة و تعمل على نشر الفكر -الراديكالي- المتطرف و سط البدو ، و على الرغم من التحركات التي تقوم بها مصر ، فإن قدرتهم على إحراز شيء يذكر تظل محدودة ، و هذا الأمر يدفع الكيان الصهيوني كي تدرك جيدًا- أنها تقع ضمن خريطة أهداف الجهاد العالمي ، و لهذا فإنه يجب أن نتساءل هل قمنا بالاستعداد لذلك ؟ خاصة أن هذه الأمور وغيرها تلزم الكيان الصهيوني الآن بالبحث عن السبل الكفيلة للتقليل من حدة هذه المخاطر و تخفيف أضرارها» *(2) .
كعادته عمل الكيان الصهيوني على تعظيم الخطر الأمنى الذي تشهده سيناء ، لا سيما في _الشطر الشمالي_ منها ، وروجت بآلتها الإعلامية المغرضة لوجود تنظيمات إرهابية تفرض سيطرتها عليها ، و الذي تبين فيما بعد ، أن تلك الفرية -الصهيونية - كان هدفها تفريغ سيناء من سكانها ، بدافع الترويع و الترهيب ، تمهيدًا لتنفيذ المخطط الصهيوني الأكبر، وهو ترحيل أكثر من مليوني فلسطيني من قطاع
غزة ، و توطينهم بها ، استغلالًا للفضاء السكاني في شمال سيناء و البالغ عدد سكانه نحو ( ٤٥٠ ) ألف نسمة ، و بالتالي لن تكون هناك مشكلة سكانية لتوطين الفلسطينيين بها خاصة و ان مساحتها تبلغ ٢٧ ألف كيلو متر ، هذا المخطط بعيد المدى ؛ و جندت( تل أبيب ) من أجله نخبة من الخبراء الصهيونيين الذين سخروا أقلامهم قبيل ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ م لطرح التصورات بشأن ما هو قادم في سيناء ، و كانت
تحمل كتاباتهم بين ثناياها ملامح استزراع الفكر الجهادي الداعشي المتطرف في سيناء تحت رعاية صهيونية ، و من أبرز الكتابات الصهيونية في هذا الصدد ، التقرير الذي نشرة ( يوني بن مناحم ) ، المحلل السياسي و الخبير في شئون الشرق الأوسط ، عن تطورات الأوضاع في سيناء و الرؤية الصهيونية الخاصة لهذه التطورات و إمكانات التعامل الصهيوني مع التغيرات التي تشهدها مصر ، و خلص فيه إلى تحذير صانع القرار الصهيوني من هشاشة السلام مع مصر و تحول سيناء بوتيرة متسارعة إلى مركز لعدم الاستقرار ، و نقطة انطلاق للإرهاب الجهادي ، و مصدر للتوتر بين مصر و الكيان الصهيوني كما في المقال *(3).
و الان بعد مرور عقد على ٢٥ ثورة يناير بات جليًّا وضوح ملامح الطمع الصهيوني في شبة جزيرة سيناء ، و أفكار و مخططات التهجير القسري للفلسطينيين ، ولكن جاء العدوان الغاشم الأخير على قطاع غزة الذي و صف بحرب الإبادة ، إنها أسقطت ورقة التوت التي كانت تتخفي وراءها الحكومات الصهيونيه المتعاقبة لإيجاد حل لمشكلة غزة ، و التي تعد في فكرهم قنبلة شديدة الانفجار و سوف تنفجر في وجه هذا الكيان الصهيوني من حين لآخر.
و هذا و باللَّهِ التَّوفيقُ ؛؛ و اللَّه أعلم 🌼🌼🌺🌺
إلى أن ألقاكم بإذن الله على مدونتي الشخصية
#بصمات_من_ياقوت_ومرجان
صلوا على رسول اللّٰه 🌼
زيارتكم تُسعدني و متابعتكم تجعلني في قمة السعاده
جعلنا الله وإياكم أن شالله من أهل السعادة في الدارين
🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼
مراجع __________________________________
*(1) الصهيونية الدراسة و التطبيق : يوثيل رفيل ، تحقيق نور البواطلة ، دار الجليل ، ٢٠٠٠ م ، صفحة -٤٣.
*(٢) مقال بعنوان ( المفتاح في يد مصر ) ، الكاتب يؤاف ليمور ، صحيفة (( اسرائيل هيوم )) و عدد بتاريخ ٧/٣/٢٠١٠ .
*(٣) مقال بعنوان (( شبه جزيرة سيناء قاعدة جديدة للإرهاب ضد مصر)) للكاتب يوني بن مناحيم ، موقع إكسبرت.