بسم اللّٰه الرحمن الرحيم ، الحمد للّٰه ربِّ العالمين و العاقبةُ للمتقينَ ، و أُصلَّي و أُسلِّمُ علَى المبعوثِ رحمةً للعالمينَ سيدِنا و مولانا رسول اللّٰه ﷺ و علَى آلِهِ و صحبِهِ و مَنْ و الاه و بعد :
أكمل لكم اصدقائي موضوع القدس تاريخًا و لمتابعة الجزء الأول منه اضغط هنا على الرابط 👇https://rovaer55501.blogspot.com/2023/01/blog-post_22.html
بعد مدة من الزمن تناسلوا فيها ، و كثر عددهم ، و ظهر منهم سوء الطوية نحو المصريين الذين أكرموا و فادتهم ، فبدأ المصريون يتيقظون لهم ، و يضيقون عليهم ، حتى رحلوا عن مصر مع نبي اللّٰه موسى _عليه السلام_ ، و قد أراد لهم أن يدخلوا الأرض المقدسة فأبوا ذلك ، و امتنعوا من دخولها ، و جبنوا عن مجرد دخول بابها ، و قالوا ما حكاه اللّٰه عنهم في القرآن الكريم :
{ قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا ۖ فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (٢٤) قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي ۖ فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (٢٥) قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ ۛ أَرْبَعِينَ سَنَةً ۛ يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ }{ المائدة : ٢٤_٢٦}.
و هكذا لم يكن لهم كيانٌ مستقل ، و إنما كانوا أوزاعًا متفرقين ، و بددًا مهملين ، أتى أنبياؤهم يحاولون إنقاذهم من حياة الذلة ، و لكنهم كانوا قومًا عاتين مارقين.
و في الترنيمة التي كانوا يرددونها ، و يزعمون أن موسى رددها ؛ يظهر إلى أي مدى كانوا أذلة بين الشعوب العربية التى كانت تستقر في أوطانها ، قوية منيعة ، حتى إنهم يَسْتعدون الرب على تلك الشعوب و منها شعب فلسطين.
جاء في _ سفر الخروج _ الإصحاح الخامس عشر : (( يمينك يارب معتزة بالقدرة ، يمينك يارب تحطم العدو ، و بكثرة عظمتك تهدم مقاوميك ، ترسل سخطك فيأكلهم كالقش... تمد يمينك فتبتلعهم الأرض ، ترشد برأفتك الشعب الذى فديته ، تهديه بقوتك إلى مسكن قدسك ، يسمع الشعوب فيرتعدون تأخذ الرعدة سكان فلسطين ، حينئذ يندهش أمراء أدوم ، أقوياء موآب ، تأخذهم الرجفة يذوب جميع سكان كنعان )).
ثم إنهم بعد ذلك تفرقوا أممًا و قبائل ، يحكم كل سبطٍ أرضه تحت قيادة زعيم يوجه أمورهم في السلم ، و يمضي بهم إلى الحرب و لم يجتمع لهم أمر تحت حاكم واحد لجميع الأسباط و قد عُرفت هذه الفترة في حياتهم بعهد القضاة.
حتى إذا فقدوا تابوت العهد قام فيهم النبي صموئيل و جمع الأسباط ، و أقام عليم طالوت ملكًا يجمع أمرهم في السلم و الحرب . و بتمليك طالوت بدأوا عهدًا جديدًا ، و لكنه كان مليئًا بالفتن ، مشحونًا بالمؤامرات ، فقد نفى طالوت داود ، حسدًا على ما حظي به من حب الناس.
غير أنه بعد أن قتل الفلسطينيون طالوت في موقعة بينه و بينهم ؛ عاد داود و بُويع ملكًا ، و قد اجتمع الملك لداود نحو ( ١٠٠٢ ) قبل الميلاد.
و عاش داود _ عليه السلام _ ملكًا نبيًّا ، و اتخذ أورشليم ( القدس ) عاصمة لحكمة ، فلما توفاه اللّٰه آل الأمر من بعده إلى ابنه سليمان نحو سنة ( ٩٧٠ ) ق . م . و بنى سليمان الهيكل ؛ ليكون معبدًا جعل فيه كل شيء للّٰه و من أجل اللّٰه .
و بعد سليمان انقسمت مملكة إسرائيل إلى قسمين : ( يهوذا ) وعاصمتها ( أورشليم ) ، و إسرائيل و عاصمتها ( نابلس ) المعروفة اليوم ، و كانت قبل ذلك تسمى ( شكيم ) ، و قد زالت هاتان المملكتان بعد ذلك على يد ( سرجون الثاني ) ملك آشور فى سنة ( ٧٢١ ) قبل الميلاد ، بعد حصار دام ثلاث سنوات لمملكة إسرائيل.
و على يد ( بختنصر ) الذي اجتاح مملكة يهوذا سنة ( ٦٠٤ ) قبل الميلاد ، و نفى الإسرائيليين إلى بابل ؛ حيث أخذهم أسرى ، دمَّر المعبد و أور شليم.
و ظل اليهود مشتتين بعيدًا عن القدس و فلسطين ، منهم من يقيم في بابل أو في آشور إلى أن استعان القائد الفارسي ( كورش ) باليهود على ( بنو ثيدس ) الملك البابلي ، فاستطاع أن ينتصر عليه ، ثم سمح لليهود أن يأتوا أورشليم سنة ( ٥٣٨ ) قبل الميلاد ، و حاول أن يقيم المعبد من جديد ، ثم كانت محاولة أخرى لإقامة المعبد في عهد ( داريوس الثاني ) حتى استولى ( بطليموس ) عنوة على أورشليم ، و قسا على اليهود ، و أسر منهم أكثر من مئة ألف ، و في سنة ( ٦٣ ) قبل الميلاد ، احتل القائد الروماني ( بومبي ) أورشليم ، و قضى على حركة اليهود قضاءً تامًّا.
و من هنا يتبين أن القدس لم تكن عاصمة لإسرائيل الدولة ، كما لم تكن موطنًا لشعب بني إسرائيل إلا في زمن داود و سليمان _عليهم السلام_ و هى مدة عارضة في تاريخ القدس لا وزن لها في حساب الزمن و أعمار الأمم و الشعوب ، على أن تلك الفترة كانت فترة نبوة ، ثم أين الصهاينة من نسب داود و سليمان أو من نهجهما ؟؟!!
و قال تعالى : { قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ }
{ البقرة : ١١١}.
و ظلت القدس و فلسطين منذ دخلها ( بومبي ) في ( ٦٣ ) قبل الميلاد تحت سيطرة الرومان ، و أخذ اليهود يثيرون الفتن و القلاقل ، فاضطر ( تيطس ) أن يدمر ( أورشليم ) في سنة ( ٧٠ ) من الميلاد بعد أن حاصرها حصارًا شديدًا مات فيه من اليهود نحو مليون نسمة ، سالت دماؤهم كالأنهار ، ثم حدث أن ثار اليهود في فلسطين سنة ( ١٣٢ ) من الميلاد في أيام ( هادريان ) و أخذوا يقتلون أهل البلد الأصليين و جند الرومان أيضًا ؛ فأرسل إليهم ( هادريان ) أحد قواده فقتل منهم نحو ست مئة ألف ، زيادة على من مات من الجوع و المرض ، ثم حرَّم على اليهود دخول ( أورشليم ) إلا يومًا وأحدًا ؛ ليقيموا المناحات على خراب المدينة.
ثم استولى بعد ذلك البيزنطيون على مدينة ( القدس ) كما استولى عليها الفرس سنة ( ٦١٤ ) م و هدموا ما بها من دور للعبادة ، حتى استطاع هرقل في سنة ( ٦٢٧ ) م أن ينتصر عليهم ، و أن يستعيد تلك المدينة ، و ظلت تحت إمرته حتى فتحها المسلمون.
و لهذا قال المؤرخ ( ج_ ولز ) فى كتابه ( معالم الإنسانية )
(( و كان استقلال أرض يهودية على الدوام أمرًا مقيدًا و غير مستقر )) و فى ذلك بطلان للدعاوى الصهيونية ؛ بأن لليهود حقًّا في القدس أو فلسطين.
و لما جاء الإسلام أصبح للقدس مكانه عظيمة في قلوب المسلمين منذ عهد الدعوة الأول و قبل أن تصل إلى أرضها الجيوش الإسلامية.
و هذا و اللّٰه أعلم 🌺🌺
إلى أن ألقاكم من جديد لنكمل القدس تاريخًا..
على مدونتى الشخصيه أن شاللّٰه
بصمات من ياقوت ومرجان 🌼🌼
زيارتكم تُسعدني و متابعتكم تجعلني في قمة السعاده
جعلنا الله وإياكم أن شالله من أهل السعادة في الدارين
🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼
هناك 5 تعليقات:
تسلم ايدك استاذ فارس . واقترح عليك تجميع هذا الجهد والتواصل مع دار نشر لتحويله إلى كتاب
الله ينور عليك ابو الفوارس 🌹معلومات ذات قيمه عاليه جدا جدا 🌴
جزاكم الله خير.
جزاكم الله خيرا وبارك الله في عمرك ونفع بك
جزاك الله خير الجزاء
إرسال تعليق