لا يجوز في شرعية العقل ، و لا في منطق أهله أن تصبح الأرض ملكًا لعابرٍ مر بها ، أو لضيف نزل عليها ، أو لمستجيرٍ لجأ إليها و طلب الأمان عند أهلها.
و ما تدعيه الصهيونية حقًّا لها في فلسطين بعامة ، و القدس بخاصة أظهر من أن يطلب دليل على بطلانه ، و أوضح من مجرد التنبيه على زوره و بهتانه.
و لكن حينما يسول الطغيان و الغرور لأهل السوء أن يجعلوا من الباطل حقًّا ، و يرسلوا أبواقهم لتقلب الكذب صدقًا ؛ حينذاك تلزم الذكرى حتى لا يقع من لا يعرف تحت تأثير الضلال ، و حتى لا يتأثر من يعرف بأساليب الخداع و الاحتيال ، و حتى تأتي الأخلاف و هي أشد و عيا بما كان من مواقف الأسلاف .
و إن الصراع بين أمتنا العربية و الصهيونية ؛ هو صراع بين حق مبين ، و باطل مفضوح ، و لولا أطماع العدو و أحقاده التي تغذيها مطامع المستعمرين و أحقادهم لما نطق لسانٌ يومًا ما بأن لغير العرب و المسلمين حقًّا في القدس و فلسطين ، و لكن المطامع البربرية و الفلسفة الصهيونية قلبت الموازين ، و زيفت حكم الواقع و التاريخ فادعت لها حقًّا بغير أثارة من علمٍ أو عدالة شاهدين فمنذ الماضي السحيق ، و القدم العميق و أرض القدس و فلسطين أرض عربية ، و لم تكن قط أرضًا لشعب بني إسرائيل في القديم ، و إنما كان أهلها الكنعانيون العرب ، و لم يكن الإسرائيليون بها إلا أفرادًا يبحثون عن العيش غير مستقرين ، و يعرف هذا كثير من المؤرخين الغربيين.
و كون فلسطين كانت في فترة من الزمن مهدًا لأنبياء بني إسرائيل ؛ لا يجيز لطائفة من الناس قد تفرقوا بين الأمم ، و تقطعت بهم السبل أن يتلمسوا انتسابًا إلى أنبياء اللّٰه ليغتصبوا الحقوق من أربابها ، و يسلبوا الارض من أيدي أصحابها.
فإن النسبة إلى الأنبياء ليست بادعاء تلاقي الأصول و العرق و امتزاج الدماء ، و إنما هي قبل كل شيء وراثة الهدى و الاستقامة و حسن الاتباع لما بلغوه عن اللّٰه من حكم و أحكام و التزام طريقهم فيما أمروا به و دعوا إليه من محبةٍ و وئام ، و إعطاء الحقوق لأهلها دون بغيٍ و عدوان.
و كل ذلك يقطع على الصهاينة بأنهم كاذبون فيما قالوه ، مبطلون فيما ادعوه ، ناكبون عن سبيل الأنبياء في جميع ما أتوه و فعلوه.
و إن من يستعرض تاريخ القدس لا يسعه إلا الاعتراف بالحقوق لأهلها ، و أن القدس لم تكن إلا عربية من القديم.
فقد عُرفت القدس بأسماء كثيرة ، أطلقت عليها في فتراتٍ مختلفة من الزمان ، و لكن نظرًا لأهميتها التاريخية و الدينية ، فقد حفظ لها التاريخ ما أُطلق عليها من أسماء .
و فيما ذكره صاحب معجم البلدان _( لشهاب الدين أبي عبداللّٰه ياقوت بن عبداللّٰه الرومي الحموي ) _ ما يرشد إلى أن تسميتها ( بإيلياء ) تسمية قديمة تضرب في أعماق الماضي ، و ترجع بها إلى العهد الذي بنيت فيه ؛ حيث كان لهذا الاسم نسبة إلى بانيها و هو إيلياء بن أرم بن سام بن نوح _عليه السلام_.
و لقد عُمِّرت إيلياء و ما حولها بعد ذلك بالكنعانيين ، و هم قوم من العرب ، و حينما نزح إبراهيم_ عليه السلام_ من موطنه الأصلي في ( أور الكداثيين ) العراق الآن_ جاء في طريقه ( شكيم ) مكان نابلس ثم ذهب إلى ( بيت إيل ).
فهذا يدل على أن هذه المدينة كانت قائمة بالفعل قبل مهد إبراهيم عليه السلام.
و القدس قد أُطلق عليها أيضًا أسم ( يبوس ) و هو أقدم أسمائها ، و اليبوسيون بطن من بطون العرب الأوائل ، و يرجع عهدهم إلى نحو ( ثلاثة آلاف قبل الميلاد ) ، أي : قبل عهد إبراهيم _ عليه السلام_ بنحو ألف عام ، حيث يرجح أن يكون عهده ما يقرب من سنة ( ألفين ) قبل الميلاد.
و لما و صل إبراهيم_عليه السلام_ إلى ( بيت إيل ) لم يستقر هناك ، و إنما ارتحل إلى أماكن كثيرة منها مصر ثم عاد ثانية.
و في كتاب_ سفر التكوين _ الإصحاح الخامس عشر (( و لما صارت الشمس إلى المغيب وقع على إبرام ( إبراهيم ) سبات ، و إذا رعبة مظلمة و اقعة عليه ، فقال لإبرام : أعلم يقينًا أن نسلك سيكون غريبًا في أرض ليست لهم ، و يستعبدون لهم ، فيذلونهم أربع مئة سنة )) صفحة ١٥/١٣.
و في الإصحاح الحادى و العشرون : (( و تغرَّب إبراهيم في أرض الفلسطينيين إيامًا كثيرة )) _سفر التكوين_ ٣٤/٢١.
و في الإصحاح الثالث و العشرين عندما حكى موت سارة : (( فأتى إبراهيم من أمام ميته ، و كلم بني حث قائلًا : أنا غريب و نزيل عندكم ، أعطوني ملك قبر معكم ، لأدفن ميتي من أمامي )) _سفر التكوين_ ٣/٢٣ .
و أما ذرية إبراهيم _عليه السلام_ فقد نزحوا بعد ذلك بقيادة حفيده يعقوب من أرض فلسطين على أثر مجاعة ، و قحط و جفاف ، ثم حضروا إلى مصر ، و أقاموا في جوار يوسف _عليه السلام_ في الوقت الذي يرجح أن يكون هو عهد حكم الهكسوس لمصر .
و هذا و اللّٰه أعلم🌺🌺
إلى أن ألقاكم من جديد على مدونتى الشخصيه
بصمات من ياقوت و مرجان
أرجو منكم الإشتراك و المتابعه و الدعم
زيارتكم تُسعدني و متابعتكم تجعلني في قمة السعاده
جعلنا الله وإياكم أن شالله من أهل السعادة في الدارين
🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼
هناك 4 تعليقات:
احسن حاجة أن موضوعاتك قيمة وتقرأ في دقيقتين
موضوع جميل جدا جدا اشكرك
احسنت جزاك الله خيرا
أحسنت وجعله الله في ميزان حسناتك ، وأرجو وأتمنى أن تقرأ الناس لتعلم
إرسال تعليق