المتابعون

الاثنين، 16 يناير 2023

دروس من رحلة الإسراء …٤


 

الإسراء و بناء المجتمع و حمايته 

في ليلة الإسراء المباركة عاين النبي ﷺ من الآيات ما شاء اللّٰه ، لقد رأى من آيات ربه الكبرى ، و صوَّر له نماذج الشر الذي ينبغي أن يتطهر منه المجتمع ، و نماذج الخير الذي يجب أن ينتهجه و يسعى إليه أبناء المجتمع ، و يحصلوه حتى يصبح المجتمع قويًّا عزيزًا ، حصينًا منيعًا.

و تجلى ذلك فى الصور الآتية .

أولًا

التطهير الخلقي للمجتمع من كل الصور ؛ ليكون على أحسن حال من الفضائل و البعد عن الرذائل ، و إلى ذلك ترمز الصورة التى أعلنها النبي ﷺ ، صورة ما رآه من قوم يتركون اللحم الطيب النضيج ؛ ليأكلوا لحمًا آخر نيئًا خبيثًا ، فقال ما هؤلاء يا أخي جبريل ؟ قال : مثل الرجل يترك امرأته الحلال الطيب إلى غيرها ، و المرأة تترك زوجها الحلال الطيب إلى غيره ؛ _ أخرجه الحارث في مسنده مطولًا ، ( ١٧٠/١ ) حديث رقم

 ( ٢٧ ).

ثانيًا

التطهير للمجتمع من الاستغلال الاقتصادي ، سواء أكان استغلالًا لحاجة المحتاج أم لعجز الضعفاء ، و ذلك حتى يكون المجتمع بحالة من التكافل و التعاون و الاستقرار ، يشير إلى ذلك ما رآه النبي ﷺ من صورة أقوام بطونهم كأمثال البيوت لضخامتها ، كلما قام أحدهم وقع ، فقال النبي ﷺ : من هؤلاء يا جبريل ؟ فقال : هم آكلوا الربا ، و مصداق ذلك من كتاب كتاب اللّٰه : 

{ ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ ٱلرِّبَوٰا۟ لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ ٱلَّذِى يَتَخَبَّطُهُ ٱلشَّيْطَٰنُ مِنَ ٱلْمَسِّ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوٓا۟ إِنَّمَا ٱلْبَيْعُ مِثْلُ ٱلرِّبَوٰا۟ وَأَحَلَّ ٱللَّهُ ٱلْبَيْعَ وَحَرَّمَ ٱلرِّبَوٰا۟ } { البقرة : ٢٧٥ }

و رأي النبي ﷺ كذلك صورة أقوام شفاههم كشفاه الإبل يلتقمون حجارة من نار ، فقال من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : أكلة أموال اليتامى ظلمًا ، و مصداق ذلك قول اللّٰه تعالى : 

{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ۖ وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا }{ النساء : ١٠ }

فالإ شارة إلى تلك الصور ؛ هي بيان لما يماثلها مما يمكن حدوثه من أخذ الأموال من غير و جهها ، أو بدون حقها ، أو بمنعها عن مستحقيها ، كما يشير إلى ذلك ما رآه النبي ﷺ من صورة قومٍ على أقبالهم رقاع ، و على أدبارهم رقاع ، يسرحون كما تسرح الإبل و الغنم ، و يأكلون الضريع و الزقوم و رضف جهنم_ الحجارة المحماة_ فقال : ما هؤلاء يا جبريل ؟

قال : هؤلاء الذين لا يؤدون زكاة أموالهم المفروضة ، و ما ظلمهم اللّٰه شيئًا ، و ما ربك بظلامٍ للعبيد.

ثالثًا

التطهير من فساد السلوك الاجتماعى : و يدل على ذلك ما صوِّر للنبي ﷺ في تلك الليلة من العواقب الأليمة التي تنتظر الذين يخونون الأمانات ، و الذين يتشدقون بالكلمات ؛ ليثيروا بها فتنة بين الناس ، و الذين يترصدون للناس طرقهم فيمنعونهم من حقهم أو يؤذونهم بألسنتهم ، أو يحولون بينهم و بين الفرص التى تتاح لهم .

رابعًا

حماية المجتمع و الدفاع عنه : لكى يتم بناء المجتمع لا بد من تطهيره من عوامل الضعف ، أن يستفرغ الوسع ، و تسخر الطاقة ، و يبذل الجهد من أجل مواصلة البناء ، و لا بد في أثناء عملية البناء من صيانة المجتمع من تسرب أي شيء من عوامل الضعف ، و حمايته من أي عدوان يهدم ما أُنجز من عمل و تم من بناء.

فإذا تم البناء ؛ فالواجب أن يحاط بسياج يمنعه أن تعبث به يد الحاقدين أو الطامعين ، و لذلك كان الجهاد من أجل بناء المجتمع و حمايته أمرًا مقررًا ، و فرضًا محتمًا.

و قد رأي النبي ﷺ العاقبة الكريمة التي يصير إليها المجتمع الذي يجاهد أبناؤه لبنائه و حمايته بالقوة و المنعة و العزة و الكفاية ، فقد رأى صورة قوم يزرعون و يحصدون ، كلما حصدوا عاد الزرع كما كان فقال : ما هذا يا جبريل ؟ قال هؤلاء المجاهدون في سبيل اللّٰه تضاعف لهم الحسنة بسبع مئة ضعف ، و يقول اللّٰه تعالى : 

{ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ }

{ سبأ : ٣٩}.

و هذا و اللّٰه أعلم🌼🌼

 إلى أن ألقاكم مع موضوع قادم على مدونتي الشخصية 

 ‏

 ‏بصمات من ياقوت و مرجان

زيارتكم تسعدوني و متابعتكم تجعلني في قمة السعاده 

جعلنا الله وإياكم أن شالله من أهل السعادة في الدارين

🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼


هناك 5 تعليقات:

غير معرف يقول...

حفظك المولي ووفقك

Unknown يقول...

ونعم بالله العلى العظيم واللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين

غير معرف يقول...

عليه افضل الصلاة واتم التسليم

غير معرف يقول...

أهلا وسهلا بكم السم خليل جدو سعيد أنا أريد الهجرة مهتم الدراسة والعمل موسادي أنا في ليبيا وشكرا لكم

Mohamed hamed يقول...

ممكن تبعت الايمل الخاص ليك

تشغيل الأطفال بين الإفراط و التفريط - Children's work

  الحمد لله ربِّ العالمين ، و الصلاة و السلام على سيِّدنا محمدٍ و آلِه ... وبعد ،  السَّلامُ عليكم و رحمةُ اللَّه و بركاته. أن الأصل في مرحل...