س/ دعيت إلى طعام عند رجل ، وأعلم أن ماله حرام ، فهل أجيب دعوته كحق من حقوق المسلم على المسلم ، أو أمتنع عن إجابة دعوته !؟
الحمد لله ربِّ العالمين ، و الصلاة و السلام على سيِّدنا محمدٍ و آلِه ... وبعد ،
السَّلامُ عليكم و رحمةُ اللَّه و بركاته
الجواب المختصر :
الأصل و جوب إجابة دعوة المسلم إذا عينه الداعي ( اي خصصة بى الدعوة ) ، و كان طعام الداعي مُباحًا أكله ، فإذا تحقق المسلم من أن الطعام المقدم إليه أنه من كسب حرام ؛ فإنه لا يحل له تناوله ، أما مجرد الظن فإنه لا يوجب التحريم ، و مَن كان أكثر ماله من حلال ، فإنه يجوز الأكل منه .
تفصيل الجواب :
الحمد للّٰه رب العالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ، سيدنا محمد وعلى آله و صحبه أجمعين و بعد؛
فقد حث الإسلام على الإنفاق من الحلال ، و نهى عن الإنفاق من غيره ، فالمأكول و المشروب و المبلوس ونحوها ينبغي أن يكون حلالًا خالصًا لا شُبهة فيه ، فلا يقبل اللّٰه تعالى من الأموال إلا ما كان طيبًا حلالًا ؛ لما روي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي اللّٰه عنه ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللّٰه ﷺ (( أَيُّهَا النَّاسُ إنَّ اللّٰهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا ، وَإنَّ اللّٰه أَمَرَ الْمُرْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ ، فَقَالَ { يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ }{ المؤمنون : ٥١ } وَ قَالَ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ }{ البقرة : ١٧٢} ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ ، يَارَبِّ ، يَارَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ ، وَمَشٔرَبُهُ حَرَامٌ ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ ، وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ ؟ )).
فالأصل وجوب إجابة دعوة المسلم إذا عينه الداعي ، و كان طعام الداعي مباحًا أكله ، و لم يكن هناك مانع شرعي من ذلك ؛ لما رُوِي عن أبي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُ - ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللّٰهِ ﷺ يَقُولُ : (( حَقُّ المُسْلِمِ خَمْسٌ : رَدُّ السَّلامِ ، وَعِيَادَةُ المَرِيضِ ، وَاتِّبَاعُ الجَنَائِزِ ، و إِجَابَةُ الدَّعْوَةِ ، وَتَشْمِيتُ العَاطِس ))★(1).
فمَن كان كل ماله حرام فيحرم الأكل منه ، إذا تحقق المسلم من أن الطعام المقدم إليه من كسب حرام ؛ فإنه لا يحل له تناوله ، أما مجرد الظن فإنه لا يوجب التحريم ؛ لأن الأصل أن ما في أيدي الناس ضمن ممتلكاتهم .
قال ابن قدامة : و جملة ذلك أن الواجب الإجابة إلى الدعوة ؛ لأنها الذي أمر به و توعَّد على تركة ، أما الأكل فغير واجب ، صائمًا كان أو مفطرًا★(2).
أما مَن كان أكثر ماله حرامًا إذا لم يعرف عينه ، فيُكره تورعًا ، قال الخراشي : مَن كان غالب ماله حرامًا تُكره معاملته ونحو ذلك كالأكل من طعامة ★(3).
و من كان غالب ماله من الحلال ، فإنه يجوز الأكل منه ، قال ابن نجيم : إذا كان غالب مال المهدي حلالًا ، فلا بأس بقبول هديته ، وأكل ماله ما لم يتبين أنه من حرام ، و إن كان غالب ماله الحرام لا يقبلها ، و لا يأكل إلا إذا قال : إنه حلال ورثة أو استقرضه ★(4).
فإذا كان المال فيه الحلال و الحرام ، فلا بأس أن يؤكل منه ، إلا أن يعلم أن الذي يطعمة أو يهديه إليه حرام بعينه ، فلا يحل ★(5).
هذا إذا كان الحال
وهذا و باللَّهِ التَّوفيقُ ؛؛ و اللَّه أعلم 🌼🌼🌺🌺
إلى أن ألقاكم بإذن الله على مدونتي الشخصية
#بصمات_من_ياقوت_ومرجان
صلوا على رسول اللّٰه 🌼
زيارتكم تُسعدني و متابعتكم تجعلني في قمة السعاده
جعلنا الله وإياكم أن شالله من أهل السعادة في الدارين
🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼
★المراجع._______________________________
★(1) أخرجة البخاري ( ١٢٤٠ ) ، ومسلم ( ٢١٦٢ ) .
★ (2) المغني ، لابن قدامة ( ٢٧٨/٧ )
★(3) شرح مختصر خليل ؛ للخرشي ( ٣٠٣/٣ )
★(4) الأشباه و النظائر ، لابن نجيم (٩٦/١)
★(5) شرح السنة للبغوي ( ١٥/٨ )
هناك تعليقان (2):
جزاكم الله خيرا وزادكم علما ونفع بكم
موضوع جيد لكن غزة اولى
إرسال تعليق