المتابعون

الثلاثاء، 31 يناير 2023

إدريس أفندي


 

من هو إدريس أفندي ؟ 

هو مستشرق فرنسي و فنان معماري أسمه ( بريس دافين ) ، و لد في إقليم الفلاندر بفرنسا ( ١٨٠٧ )م ، كان و الده مفتشًا لغابات الأمير تاليران و في عام ؛ ( ١٨١٤ ) م تطوع لتمريض جنود نابيلون المصابين بالتيفود فأصيت بالعدوي و توفي ، فصار دافين يتيمًا و هو ابن السابعة من عمره ، و التحق بمدرسة الفنون و الصنائع بشالون و تخرج منها ( ١٨٢٥ )م مهندسًا معماريَّا ، فكان الإصرار و حب المغامراة يتدفق في قلبه و عقله فانضم إلى صفوف الثوار اليونان و حارب معهم الأتراك في موقعة الميسترا ، ثم أبحر إلى الهند ؛ حيث أصبح سكرييرًا لحاكمها العام ، و بعدها رحل إلى فلسطين مستكشفًا و انتهى به المطاف في مصر مأوى الغرباء ( ١٨٢٩ )م.

هنا من مصر تبدا قصة بريس دافين أو إدريس أفندي ، عندما أعلن والي مصر محمد على باشا عن حاجته إلى إخصائيين أوروبيين لتنظيم أمور الجيش و المدارس و إدارة مشروعات الرى و الزراعة ، فتقدم بطلب للالتحاق بخدمة الباشا و تم تعيينه مهندسًا للري ثم استاذًا للطبوغرافية بمدرسة أركان الحرب بالخانكة ، و كان دافين مهندسًا معماريًّا متفوق و له طموح ، تقدم ل محمد علي باشا بمذكرة تحوي مشاريع عملاقة مثل حفر ترعة تربط بين مدينة القاهرة و الإسكندرية و إنشاء جسر معلق على النيل بين جزيرة الروضة و حدائق إبراهيم باشا و عدة مشاريع للري و لم يتجاوز عمره ٢٢ عام ، فبهر به محمد على باشا و بعبقريته المبكرة.

و مالبث دافين أن اصطدام مع عبدالله بك ناظر مدرسة الخانكة بعد أن كلفة بطبع موسيقى لكتائب الجيش فرفض التكليف ، لأن الموسيقى لا تدخل في دائرة اختصاصة ، و أمر عبدالله بك بتكبيله بالحديد و ضربه ب السياط حتى يمتثل للأمر ؛ و لم يؤثر ذلك فيه و ظل رابط الجأش و أصر على موقفه و تقدم باستقالته إلى نظارة الحربية ، فتم نقله بعد هذه الواقعة إلى مدينة دمياط كأستاذ للتحصينات في مدرسة المشاة .

و لم تفتر همة دافين بعد النقل و لم تُخب أحلامه وتأمل منطقة بحيرة المنزلة أثناء إقامته بها و تقدم بمذكرة للوالي ، يقترح فيها تجفيف بحيرات مصر السلفى و زراعتها ، و لكن أفكاره لم تلق القبول.

و كان ( ١٨٣١ )م هو نقطة تحول في حياة هذا الشاب المغامر فقد انتشر وباءا الطاعون و الكوليرا فى مصر فتطوع بريس دافين لتمريض المصابين و اختلط بالمصريين عن قرب فألف عاداتهم و عشق دفء طبائعهم و اندمج معهم في تفاصيل حياتهم اليومية ، أحاطت به القلوب الصادقه .

توغل دافين في جوهر الحضارة المصرية حتى أتقن اللغة العربية ، و مع عام ( ١٨٣٦ )م قرر ترك و ظيفته الحكومية و استقال منها ، و استغرق في دراسة اللغة الهيروغليفية و تاريخ مصر و صار مولعًا بكل ما هو مصري ، فخلع ملابسه الأوروبية و ارتدى الزي الشرقي و أطلق على ( نفسه إدريس أفندي ) ، وذاب الغريب مع القريب .

تنقل بزيه العربي بين قري مصر بدءًا من القاهرة مرورًا بالدلتا حتى الإسكندرية ، أخذ تاريخ هذا البلد العريق كل جوارحة ، فرسم أجمل الآثار الإسلامية و الفرعونية بخليط من الألوان المتنوعة الجذابة.

حول هذا الكنز اللامتناهي من المشاهدات إلى لوحات و صور تنبض بالحياة ، فرسم دافين أو إدريس أفندي بحس مرهف إيقاع الحياة اليومية و المشاهدات الحيوية التى يختلط فيها التاريخ مع الثراث الشعبى.

و تنقل إدريس أفندي بزيه العربي بين مدن و قري الصعيد و النوبه و سجل كل ما شاهد من أهم المعالم حتى استقر به الترحال فى مدينة الأقصر ، فعاش فيها خمس سنوات ( ١٨٣٨_ ١٨٤٣ )م .

عكف على دراسة تاريخ مدينة ( طيبة ) ، و أقام بمنزل مبني من الطوب اللبن على ضفاف النيل ، اشتهر ببيت فرنسا ، شيد هذا المنزل على أنقاض ( قصر أمونوبوليس ) . 

لم تقتصر أعمال إدريس أفندي على مجرد الرسم و التصوير فقط الخارجي للأبنية ، بل شارك في كثير من أعمال البحث و التنقيب المهمة ، و من أهم إنجازاته الكشف عن اثنتي عشرة غرفة في معبد ( خونسو ) و كشف ( البردية الهيراطيقية ) التي تحمل اسم بردية بريس دافين.

 و كان له فضل لا ينكر في الدفاع عن آثار مصر و حمايتها من النهب و التخريب ، في و قت انتشر فيه السطو على أحجار المعابد و أعمدتها ، و أصبحت بمثابة محاجر تنقل أحجارها الضخمة لتشييد الأبنية ، و إحيانًا يستخدمون الديناميت لتفكيك هذه الأحجار.  

 ‏و قد فقدت مصر في حملة السطو على الآثار معبدين من أهم معابدها : معبد( تحتمس الثالث و معبد زيوس ) بأرمنت ، اللذين فككا تمامًا لبناء معمل للسكر.

 ‏وقد وصل حرص إدريس أفندي على الدفاع عن الآثار حيث كان فى اشتباكات عنيفة مع العمال الذين كانوا يحاولون تفكيك أعمدة حورس بمعبد الكرنك ؛ لإقامة معمل للبارود و تمكن من منعهم .

 ‏كانت السلطات تساهم في تخريب المعابد ، و قد فرضت على الفلاحين توريد قنطار من الأحجار على كل فدان لبناء مشروعات محمد علي باشا ، و كان رجال الحكومة يسوقون الفلاحين إلى المعابد للحصول على الأحجار .

 ‏يقول ( بريس دافين ) أو إدريس فى كتاباته عن القاهرة (( لا أعرف مدينة تتقابل فيها الأضواء تقابلًا أروع من القاهرة التي تنتشر فيها رائحة القرون الوسطي ، يروع السائر فى طرقات المدينة الضيقة مشاهد الترف المسرف و الفقر المدقع فتتقابل فيها البهجة و الآلام ، و كثيرًا ما رأيت موكب عروس تتقدمه جوقه من الموسيقيين فتلتقي بموكب جنائزي دون أن يقطع الموسيقيون عزفهم و لا الندابون ندبهم .. واكتفي بوصف بريس دافين للقاهره ..

 ‏و هذا و الله أعلم 🌼🌼

 ‏ أن أعجبكم الموضوع سوف أكمل كتابة عن إدريس أفندي أو بريس دافين على مدونتى الشخصيه

 ‏بصمات من ياقوت و مرجان

 ‏ ‏زيارتكم تُسعدني و متابعتكم تجعلني في قمة السعاده 

جعلنا الله وإياكم أن شالله من أهل السعادة في الدارين

🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼

 ‏


هناك 11 تعليقًا:

غير معرف يقول...

هايل يا استاذ فارس . استمر في ادريس افندي . ارجو تصحيح كلمة "الفقر المقدع(المدقع) اذا كان ممكنا

Mohamed hamed يقول...

تم التدقيق

غير معرف يقول...

روعه

محمود ابراهيم يقول...

رائع رائع رائع

Ahmed Abdo يقول...

رائع

غير معرف يقول...

استمر سلمت يمينك ونفع بك وبعلمك.

غير معرف يقول...

اتمنئ لكً التوفيق - واستمر حفظك الله
استمتعت بهأ جداً —— وكانت اكثرمن رائعه .—
تحياتي —-

غير معرف يقول...

اكثر من رائع

zizo يقول...

احسنت

غير معرف يقول...

جميل جدا

غير معرف يقول...

معلومات قيمة 🌹انار الله عزوجل بصيرتك ابا الفوارس 🌹

تشغيل الأطفال بين الإفراط و التفريط - Children's work

  الحمد لله ربِّ العالمين ، و الصلاة و السلام على سيِّدنا محمدٍ و آلِه ... وبعد ،  السَّلامُ عليكم و رحمةُ اللَّه و بركاته. أن الأصل في مرحل...