المتابعون

الأربعاء، 18 أكتوبر 2023

Tahira Quraish طاهرة قريش


 



كانت قريش على حقٍّ حين لقَّبَتْها بلقبِ الطاهرة ؛ فقد شدت انتباهَ أهلِ مكةَ بنقائِها ، و أمانتِها ، و طهارتِها فى كل ما تفعلُ أو تتركُ من الأمر.

رأتها قريش طاهرةَ اللسان ؛ تقولُ فتصدقُ ، و تعِدُ فتَفِى ، و تتحدثُ بالكلمةِ النافعةِ التى تحمى حقََّـا ، أو تدفعُ ظلماً ، أو تنفِّسُ كربةَ سائل أو جائعٍ أو محروم ، فإذا لم يكن حقٌّ و خيرٌ صانت لسانَها عما يلوِّثُه و يشوِّهُـه .


و وجدَتْها طاهرةَ اليِـد ، تبسُطُها بالعطاء ، فتمسحُ بها دموعَ المحزونين ، و تداوى بها آلامَ البائسين و اليائسين ، و تقبضُها عن أن تمتدَّ إلى ما ليس لها ، أو تؤذىَ أحداً من أهلِها أو ممن يعملون في تجارتِها أو من غيرِ هؤلاء و هؤلاء .

و عهِدَتْها طاهرةَ الذَّيلِ ، تعـطِّـرُه بالعـفَّـةِ و الالتزامِ و قوةِ الإرادةِ ، و لا تعرِّضُـه أبداً إلى شيءٍ مما يدنّسُ النساء ، ويجلب لهنَّ الفضيحة والعار .

و عرفَتْها طاهرةَ القلبِ ، تعمُرُه بحبِّ الخير للناسِ ، و لا تطويه على غلٍّ أو حقدٍ أو طمعٍ أو خداع .

و تابعَتْ قريش حياةَ هذه السيدة : بنتاً ، و زوجةً ، و أُمًّـا ، وربَّةَ عملٍ واسعٍ في التجارةِ و تـثميرِ المالِ ، فأعجِبَت بها فى كلِّ حالٍ من أحوالِها ، و كل موقفٍ من مواقفِها.

أُعجبت بها فتاةً عاقلةً رزينةً ، تترفَّـعُ ، مع جمالها و شبابها ، عن كلِّ ما يصدرُ عن الفتياتِ الطائشاتِ من نظرةٍ مائعة ، أو كلمةٍ لينة خاضعة ، أو حركة منحطة نابية ، و تحرِصُ على أن تتصرَّفَ في الخفاءِ كما تتصرفُ حين يراها الناسُ ، و تتسلطُ عليها الأنظار .

و أُعجِبَت بها زوجةً صالحةً ، تنهضُ بحقِّ زوجِها ، و تخلِصُ له ، و تحملُ أعباءَه و ما تستطيعُ من هفواتِه ، و لكنها تترفَّعُ عما لا يجمُلُ بمثلها من حياةِ سيداتِ قريش اللائى تصوَّرْنَ أن السيادة غطرسةٌ و كبرياء ، و إسراف في المأكِل و الملبَس و الزينة ، و مجاراةٌ للأزواجِ فى اللهو و العبث والتمتعِ بالرقصِو الغناءِ . 

كما أُعجِبت قريش بها ؛ لحسنِ قيامِها على تربيِة أولادِها الذين تركهم لها عتيقُ بنُ عائٍذ المخزومىُّ زوجُها الأول ، و هندُ بنُ زُرارةَ زوجُها الثاني ؛ فقد بذلت غاية جهدها فى رعايتهم وإعدادهم للحياة التي تنتظرُ أمثالَهم ورضِيَت قريش عنها كل الرضا ، وهى تمارس عملها التجارى الواسع ، فى مَقدرةٍ يعجِزُ عنها كثيرٌ من الرجالِ ؛ لأنها فتحت أبوابَ العيش لمن يعملونَ في تجارتها ، كما فتحت بجودها وسخائِها أبواب الأملِ لمن كانوا يتهافتون عليها من الجياعِ المطحونين فى مكةَ ، و ممن يفدون إليها طلباً للمعونة والعطاء .

لهذا كلِّه ، و أكثرِ منه ، رضيت عنها قريش وأُعجِبَتْ بها في الجاهلية ، و عبرت عن رضاها و إعجابِها بهذا اللقب الذى منحته إياها ، وكانت تسميها و تناديها به.

و لكن أهلَ مكة عادوا ، فاستعجبوا ودهشوا لموقفها الغريب من الزواج ؛ فقد تقدَّمَ لها عددٌ غيرُ قليل من كبارِ قريش ، و طلبوا فى إلحاحٍ يدَها ، و لكنها ردتهم جميعاً ، و لم تَرتَضِ واحداً منهم .. و طالما تساءَلَ مَنْ حولَها عن سرِّ هذا

الرفض ، و قالوا فى حيرة : حقًّا إنها تزحف نحو الأربعين من عمرها و لكنها تبدو و كأنها فى ميعة الشباب ؛ بما فيها من قوةٍ و حيوية ، و ما لها من جمالٍ و نضارةٍ و إشراق .. ثم إنها ذاتُ حسبٍ و نسبٍ و ثراءٍ و منزلةٍ كريمة في عيون الناسِ و قلوبهم ، و كلُّ هذه مبرراتٌ ، تدفع إلى الزواج ، و لا تدفع إلى

العُدولِ عنه .. و كثيراً ما عتبوا عليها ، وودُّوا لو تغيّر موقفها منه ، و لكنها لم تستمع لهم ، و لم تغير من موقفها شيئاً

و لم تكن هذه الحيرة بعيدةً عن بيت هذه السيدة نفسه ، فكثيراً ما كان

مواليها يفرُغون من عملهم ، فيلتقُون على سمرٍ أو حديث أو حوار كهذا الحوار :

الأول : لقد رعانى القدَرُ حين ساقنى إلى بيتِ هذه السيدةِ الطيبة .. إن بيتها جنة ! إنها تعاملُنا كما تعامل أولادَها ، فلا شتم ولا زجر ، ولا ضربَ ولا إذلالَ ولا شيء مما يعانى الموالى والعبيد من حولنا !

الثاني : الموالى و العبيد من حولنا ! إنهم يعيشون فى جحيم ! يأكلون من بقايا الطعامِ كالكلاب ، و يُضْرَبون بالسياطِ ، و يكلَّفونَ القيامَ بأشقِّ الأعمال ، ولا يحسُّ أحد بآلامِهِم ، و إذا تعبوا أو مرِضوا أو هدَّتهم السنُّ لم يجدوا من يفكر فيهم.

الثالث : كم أود أن تكمل سعادتها بزوج صالحٍ مثلِها !

الأول : و من مثلُها ؟ لا أجد أحداً مثلَها أو قريباً منها . شرفٌ و سيادةٌ ، و عفة و طهارةٌ ، و أدبٌ وأخلاقٌ ، و جمال ورقةٌ ، و عقلٌ كبيرٌ ، ويدٌ سخيةٌ ؛ يبدو أنها عزفت عن الزواجِ و أصبحت لا تفكر فيه !

الثاني : بل هى تفكرُ فيه ! أراها من حين إلى حين شاردةَ الذهن كأنها تحلمُ ، و فى ملامحِ و جهِها ثقةٌ وأمل بأنَّ الأقدارَ سوف تُهدِيها أو تُهدى إليها الرجلَ الذي تحلمُ به !

الثالث : لعل القدَرَ أَخَّرَ زواجها لأمرٍ أراده و لا نعلمه !

كانت طاهرةُ قريش التى جذبت انتباهَ ، قومِها ، فأعجبوا بها ، و حاروا في أمرِها هي خديجةُ بنتُ خويلد بنِ أسدٍ حفيدِ قصيِّ بن كِلاب ، عَظيمِ قريش الذى ألَّفَ بين أهلها ، وجمعهم على الوحدة والمحبة والسلام .

و هذا و باللَّهِ التَّوفيقُ ؛؛ و اللَّه أعلم 🌼🌼🌺🌺

إلى أن ألقاكم أن شالله على مدونتي الشخصية 

  ‏#بصمات_من_ياقوت_ومرجان

  ‏صلوا على رسول اللّٰه 🌼

  ‏ ‏زيارتكم تُسعدني و متابعتكم تجعلني في قمة السعاده 

جعلنا الله وإياكم أن شالله من أهل السعادة في الدارين

🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼


الإثارة والتشويق بطرح الأسئلة Content creators

  الإثارة والتشويق بطرح الأسئلة في السيرة النبوية الحمد اللّٰه رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين ، و بعد . فإن الإثا...